قال أخي عبد الله ـ الذي يكبرني بعامٍ ـ موجهاً حديثه لأبي الصامت، وهو مفتَّح العينين، وفي فصاحةٍ لا يُحسد عليها:
ـ لا تُجهد نفسَك يا أبي، واسمعْ مني جيداً .. ما أقوله لك صباح مساء! .. أنا لا تُعجبني السلطةُ، ولا يعجبني الحكام، فكيف أنخرطُ في الكلية الحربية لأدافع عنهما؟! ـ ماذا تريد؟
ـ سألتحق بكلية الفنون الجميلة.
ـ لترسم خيبتك؟!!
لم يرد عبد الله.

ضحك أبي .. بينما كانت أمي تحاول أن تكتم حسرتها على ابنها، فصحتُ:
ـ لا تُبدِ رأياً يا أبي الآن فيما يقوله عبد الله!؛ فمصرك محزونة الآن بفعل النكسة، والشباب حزين لجري الجنود المهزومين، وتركهم سلاحهم في سيناء!

قال في حسرة مغيراً مجرى الحديث:
ـ ولهذا لن يُقام «المولد» هذا العام، ولن يركب الأطفال الأراجيح. وستمضي أيامُهُ بدون فرحٍ حتى يأتي العامُ القادم وتحصل أنتَ على الثانوية العامة.

...........

كدتُ أقول! ُ له:
ـ ماذا تقول أيها الشيخُ؟
قال وهو يُنظر إلى الأرض:
ـ حينما تجتازُ الثانوية العام القادم، لا تُقدم أوراق التحاقك بكلية الآداب التي تحبها، أو دار العلوم. بل قدمها إلى الكلية الحربية!

....

أدرتُ وجهي للناحية الأخرى، وأنا أقولُ:
ـ يا لحظي الجميل!!
هكذا يقفُ أخي عبد الله سداً في طريق طموحي. ولا أدري ـ لجموحه ـ كيف سأعبرُ أنا ورغباتُ أبي وعورةََ الطريق؟!!

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية