حكاية حقيقية:
حدثني أحد الأصدقاء عن أن والده كان حراميا في ستينات القرن الماضي، وأنه (والده) وأحد أصحابه كان يتسللون ليلا في الأرياف ليسطوا على بعض البيوت الغنية ليسرقوا من الماشية آو بعض الأشياء الثمينة. وان في البلدة القريبة كان هناك مقهى يلتقي فيه بعض الحرامية، فيأتي في الصباح الشخص المسروق ليعلمهم بأن شاة أو بقرة أو غيرها قد سرقت منه، فيعطي أوصافها، فيقول له بعضهم أو احدهم، أمهلنا حتى نردها لك، ولكن لتدفع لنا وللحرامي مقابلا، فيوافق الشخص على ذلك. وهكذا يعاد له الحلال إلى أصحابه كما يقولون. ومن أخلاقيات الحرامية المتعارف عليها أنهم كانوا لا يروعوا نائما ولا امرأة ولا طفلا
ولا شيخا ولا مريضا ولا يقصدوا بيت فقير.
وسرد لي هذا الصديق حكاية نقلا عن والده، أنه وصاحبه كانا في سطو على أحد البيوت
الريفية، وقبل دخول البيت الذي يكون سياجه من أكوام الحطب ونباتات جافة تحيط حظيرة
الحيوانات خاصة، أحسوا بحركة، فاختبأ كل منهما في مكان، فكان أن اختبأ ذلك الشخص في
حفرة مجاورة للسياج، فصادف أن جاءت أحد نساء البيت للتتبول فيها، حيث لا تتوفر المرافق
الصحية في البيوت الريفية التقليدية. وقد كان الظلام دامسا، فلم تر الحرامي الذي كان
مقرفصا في الحفرة، فصبت بولتها على رأسه.
ورغم كل هذا بقي الحرامي صامتا دون أي رد فعل، ليس خوفا منها آو من رد فعلها وأهلها
تجاهه، إنما خوفا عليها. فلو صدر أي رد فعل منه لوقعت المرأة مغشيا عليها أو ساكتة
ميتة.
هذه أخلاقيات متعارف عليها، يكبر الرجل في نظر مجتمعه وأمام نفسه، وربه بالتأكيد بغض
النظر عن فعل السرقة.
هذه الحكاية تذكرنا بالتأكيد بمشاهد الترويع والإرهاب باسم المقاومة والجهاد والإسلام. ويبرر الإرهابيون أفعالهم الشنيعة
الدنيئة من قطع الرؤوس، والتمثيل بالجثث وقتل النساء والأطفال وغيرها بأنها أفعال "في
سبيل الله". أين هم من أخلاق الرسول الأعظم الذي كان يوصي جنده "لا تقطعوا شجرة، ولا
تقتلوا مدبرا، ولا تقتلوا امرأة، ولا تؤذوا شيخا، ولا ترفسوا حيوانا ...الخ". وأين هم
من أخلاق خلفائه، وأصحابه وأخلاق الفرسان عامة.
بل أين هم أخلاق الحرامية.