كل يوم أكتشف أن الصورة الذهنية الجمعية عند بعض شرائح من مسلمي مصر عن المسيحيين، وعند بعض شرائح من مسيحيي مصر عن المسلمين، تمتلئ بالأوهام، وهذه الأوهام صنعت صورًا ذهنيةً سيئةً في معظم الأحيان، كما أن السينما والدراما التلفزيونية (التي تسمي نفسها واقعية) تقوم بمهمة غير نبيلة حينما تقوم بإعادة بثّ هذه المخلفات الثقافية الرديئة، دون أدنى محاولة لتغييرها، مما يعززها في نفوس معتنقيها، ولا يزيدنا إلا غرقًا في نفق مظلم من الصور الذهنية والأحكام المسبقة السيئة، والأحكام المسبقة المضادة من الطرف الآخر على السواء. لهذا كتبت هذا المقال، محاولةً مني لتصحيح هذه الصور الذهنية الباطلة، التي تكوّن جزءًا من التربة الثقافية للكراهية، والتي هي باطل لا أساس لها إلا الأوهام، ومنافٍ للإسلام تمامًا.
التقطت هذا الكتيب أثناء زيارتي لجناح سور الأزبكية المقام بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2014، وذلك لاهتمامي باستكشاف ومعايشة حياة المسيحيين المصريين، التي - للأسف - أسهم كل من الإعلام والفن في تهميشها والتجهيل بها، أو سوء النظرة إليها، لا يخرج عن هذه القاعدة الأفلام التي قامت بنفس هذا الهدف من حيث ظنت أنها تقوم بعكسه، مثل فيلم "بحب السيما" وغيره. ولأني نشأت وتربيت في مرحلة الحضانة والابتدائي في حضانات ومدارس ونوادٍ مسيحية في منطقة الفجالة (برمسيس، القاهرة) أدرك تمامًا أن هناك جوانب كثيرة جميلة وأخلاقية في المجتمع المسيحي تشترك في نفس أخلاقيات وجماليات الإسلام، وأن ما تُربي عليه الأم الفاضلة المسلمة المصرية ابنتها وابنها هو نفسه ما تُربي عليه الأم الفاضلة المسيحية المصرية ابنتها وابنها من قيم وتقاليد تحافظ على استقامة أخلاقهم، وذلك لأن الإطار الأخلاقي المرجعي العام في الإسلام والمسيحية واحد ومتطابق. وعندما تصفحت الكتاب الذي طبع في التسعينات، وجدته يضيف إلى ما عايشته في السبعينات والثمانينات، من طهارة وعفة وسمو أخلاقي رائع، يغرسه آباء الكنيسة المصرية في شبابها وبناتها، حين يدعو كاتب الكتاب - والذي راجعه وقدّم له الأنبا موسى أسقف عام الشباب -، فيقول:
"إن نظرة الرجل المتقدة شهوةً، الثاقبة، والتي يقف من ورائها دافع الانحراف، هي التي تحدد موقفك من الفتاة. هل تقدر أن تنظر إلى زميلتك بعينين صافيتين نقيتين؟ هل يمكنك أن تتصور أن العذراء مريم كانت يومًا فتاة مثلهن، وهي أمّ الطهر والعفاف؟ هل يمكنك أن تبني نظرتك على ضوء ما تنظر إلى العذراء الطاهرة، فتكون النظرة سمحة نقيّة هادئة وطاهرة؟"
أقدم لكم هذه الصفحات التي قمت بتصويرها من الكتيب الشبابي، وأنا حزين أن يصل سوء الخلق ببعض من إخوتي المسلمين إلى استحلال واستسهال وتجرؤ على الطعن في إخوتهم وأقاربهم وأصهارهم المسيحيين ونسوا أن حرمة العرض والمال والدم للمسيحي هي نفسها للمسلم! وليعلموا أن المسيحيين المصريين أعفاء أطهار شرفاء ذو خلق، ومنهم من يشذ فينحرف أو يضيع في الجريمة، تمامًا كما هو الحال في المسلمين، سواء بسواء. وأنه ليس بالظلم وقذف المحصنات والمحصنين واتهام الأعفاء دون ذنب يُنصر الدين، أو يتدعّم الإيمان في نفوس المسلمين، بل يضعُف الإيمان ويغضب الله سبحانه وتعالى على من ارتكب هذه الجرائم في حق إخوته وأخواته المسيحيين، وينقص إيمانه لا محالة.
وختامًا أقول:
إن الإنسان - حقًّا - عدو ما يجهل. وما دام هناك أسوار يبنيها الإعلام التهميشي، والفن الانتقائي الربحي، والخطاب الديني غير الموفّق، فسنظل نسمع هذه الأفكار المسيئة لمن يقولها أولا، والتي تتناقض تمامًا مع الأخلاق الإسلامية والحقائق الواقعية، من رمي لكل من اعتقد خلاف عقيدة الإسلام بكل سوء في أخلاقه وسلوكه، معتقدًا أنه بذلك يعطي مزية للمسلمين على غيرهم، وذلك نتيجة هذه التربة التي يغذيها إعلام متحيز، وسينما تجارية، ودعاة جاهلون، وربما أيضًا: مصالح لبعض الساسة الذين يريدون الجميع متصارعين متكارهين، ليسهل السيطرة عليهم، مهما أعلنوا من تأييدهم لشعارات ما يسمى "بالوحدة الوطنية" بينما هم أبعد ما يكونون عن القناعة بها والعمل من أجلها.
مرفقًا بالمقال : مجموعة منتقاة من صفحات كتاب: "أسئلة حول الصداقة والأصدقاء"، يتبين من خلالها اهتمام القيادات الروحية الكنسية المصرية بالشباب والفتيات المسيحيين والتشديد على غرس سلوكيات العفة والاحترام والبعد عن الابتذال والعلاقات المحرمة بين الجنسين، وكيفية التعامل مع الغريزة، بإقناع وبأسلوب هادئ ومتوازن وواقعي. الصفحات من اختيار وتصوير ونشر: محمد عصمت فرج
بيانات الكتيب لمن أراد شراءه
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحات المختارة
الصفحتان: 66 - 67
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 68 - 69
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 70 - 71
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 72 - 73
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 74 - 75
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 76 - 77
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 78 - 79
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
الصفحتان: 80 - 81
(لمطالعة الصفحة بحجمها الكامل: اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختر: مشاهدة الصورة - View image)
انتهى