إان الكثير من الوافدين الأجانب العاملين بدول الخليج، ونظرًا للطفرة الاقتصادية الموجودة في معظم بلدانه، يقومون بممارسة الأنشطة التجارية التي يمنعهم القانون من ممارستها لحسابهم، بالتحايل على القانون من خلال وضع ظاهر صحيح وقانوني، ووضع مستتر يخفي العلاقة بين أطرافه إلى حد أنها أصبحت ظاهرة منتشرة في دول الخليج. لذلك أخذت هذه الدول بمحاربة أو مكافحة هذه الظاهرة من خلال سن قوانين خاصة بالتستر التجاري، والذي عرّفته بموجب هذه القوانين بأنه: "تمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه أو بالاشتراك مع غيره، محظور عليه ممارسته، أو لا يسمح له قانون استثمار رأس المال الأجنبي أو غيره من القوانين بممارسته. ويعتبر المواطن متسترا في حال تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري لممارسة النشاط التجاري ، كما يعتبر متسترا كل أجنبي حاصل على ترخيص استثمار أجنبي وقام بتمكين وافد اخر من العمل لحسابه" .
وهذه القوانين تعتبر مبتكرة إذ لا يوجد لها مثيل في القوانين المقارنة التي اكتفت بما هو منصوص عليه في القوانين الخاصة المنظمة للأعمال التجارية باعتبارها مخالفات للقوانين تستوجب العقوبة حسب طبيعتها.
وفي دول الخليج لا يعني أنه قبل صدور قوانين مكافحة التستر التجاري، أن التستر كان مباحًا ، وانما كان مخالفة للقوانين الخاصة بالنشاط التجاري، ويستوجب العقوبة على المخالفين شأنها شأن القوانين المقارنة. فمعظم القوانين الخاصة بالنشاط التجاري نصت على عقوبات عند المخالقة لأحكامها والتي تعتبر حالة التستر أحدها.
فلو رجعنا الى قانون الشركات التجارية القطري مثلا نجد أنه ينص في المادة 324 منه على جزاءات عند المخالفة ومنها على سبيل المثال عقوبة الحبس او الغرامة لكل من يضمن عقد شركة ذات مسؤولية محدودة اقررات كاذبة متعلقة بتوزيع حصص رأس المال بين الشركاء أو بوفاء قيمتها.،ايظا نجد نصوصا في قانون تنظيم الاستثمار القطري تعاقب على تقديم بيانات غير صحيحة خاص بملكية المنشاة او بمشاركة راس المال غير القطري فيها، وغيرها من النصوص.
لكن السؤال هل لمثل هذه القوانين جدوى في إنهاء حالات التستر التجاري نظًا للصعوبات التي تعوق تطبيقها في الكشف عن حالات التستر خصوصا أن الاطراف المتستر والمتستر عليه تقوم بينهم علاقة متبادلة يستفيد منها كلاهما ، أيضًا إذا ما كان الوضع الظاهر منظم بشكل لا يسمح بالشك بوجود التستر. كما أن هناك صعوبات تتعلق بالإثبات فلا يوجد في هذه القوانين اي نص يتعلق بكيفية اثبات التستر او القرائن التي تدل عليه اذ اكتفت بانشاء لجان لتلقي البلاغات والتحقق منها وفحصها ثم احالة الامر الى النيابة العامة للتحقيق فيها.
إاذن كيف يمكن اثبات التستر ما دام الوضع الظاهر والاوراق صحيحة ، فاذا كان النشاط يتم ممارسته من خلال شركة فان هذه الشركة يوجد فيها عقد تاسيس منصوص فيه على النسبة في الحصص حسب القانون ومسجلة في السجل التجاري وبالتالي الظاهر صحيح اما الباطن او المستتر فهو بين الاطراف المواطن والوافد ويكون عادة من خلال ورقة ينظمونها تنفي الوضع الظاهر وتقر بالوضع الحقيقي بينهم. وليس من مصلحة طرفي التستر وبوجود مثل هذا القانون الكشف عن الوضع المستتر وإلا تعرضوا للعقوبات المنصوص عليها في القانون خصوصا وان العقوبة تشمل المتستر والمتستر عليه.
وارى ان هذه القوانين لم تاتي بشئ جديد بشأن التستر التجاري وكان يمكن الاكتفاء بالقوانين ذات العلاقة وتفعيلها بشكل اكبر للحد من ظاهرة التستر التجاري من خلال التاكد من الاوراق والمستندات عند التسجيل و المراقبة المستمرة عند مزاولة النشاط للتاكد من عدم مخالفته للقوانين.