تابعت لقاء أجرته قناة الجزيرة الفضائية في برنامج الإتجاه المعاكس حول موضوع المؤسسات الخيرية ايجابيات وجودها وسلبياته وهل أصبحت هذه المؤسسات موردا رئيسياً من موارد تمويل الإرهاب العالمي أم ان هذه الفرضية هي فرضية ليس إلا فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية لإيهام العالم بخطر الجمعيات الخيرية وأنها ليس سوى واجهة خيرية ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب . إن الغريب في هذا الحوار أن أحد أطراف المناظرة كان يتحدث بطريقة شديدة اللهجة تقف ضد الجمعيات الخيرية وكل مايتم بأي صلة بهذه الجمعيات معتبراً إياها بأنها رأس الأفعى وانها أم المشكلات العالمية ، وأنه لولا هذه الجمعيات لما تم تدمير برج التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر ، ولولاها لما حدثت حرب أفغانستان ولاولاها لما غزي العراق ولاولاها لما حدث ما حدث للعالم من أعمال إرهابية ضد المدنيين في مختلف بقاع المعمورة وكأن كل مصائب العالم لم تخرج إلا من بوتقة المؤسسات الخيرية .
إن الدور الذي تلعبه الجمعيات الخيرية من إغاثة للمظلومين وإطعام للجوعى ومساعدة للمحتاجين وبناء للمساجد وتشييد للمدارس وإقامة للمستشفيات وحفر للآبار والعديد والعديد من الإنجازات الكثيرة والمختلفة في الحقل الخيري هو دور ريادي متميز بشهد له القاصي قبل الداني ويتحدث به البعيد قبل القريب وإن العمل الخيري في الوطن العربي وفي دول الخليج على وجه الخصوص يعتبر منبعاً من منابع الخير ينعم به المحتاجون من شواطئ المغرب المطلة على المحيط الأطلسي إلى الجزر الأندونيسية في المحيط الهندي ، لكن وللأسف أن البعض يرى الشمس المشرقة بنظارات سوداء فيرى دائما ما حوله أسودا قاتم السواد ولو كان شديد البياض ويرى الخطا قمة الصواب ويرى الصواب في أدنى درجات الخطأ مما يجعل معايير القياس وادوات وزن الأمور لديه المختلفة تحتاج إلى معايرة جديدة حتى يضع الأمور في نصابها الصحيح .
إن من يرى أن العمل الخيري هو نقطة سوداء في سجل الأمة وأن المؤسسات الخيرية هي رأس الأفعى الذي يجب التخلص منها هو واهم بل إن العمل الخيري والجمعيات الخيرية هي صمام الأمان الذي حفظ الله به الكويت وشعبها من نوائب الدهر وويلات الزمن وما الغزو العراقي الغاشم على بلدنا الحبيب منا ببعيد وكذلك التهديدات المستمرة التي كان يمارسها النظام العراقي البائد على بلادنا الحبيبة والتي لولا الله ثم الأيادي البيضاء وأهل الخير والعمل الخيري لما حفظ الله بلادنا من هذه الأخطار .
إننا نستغرب أن يظهر لنا بعض ابناء جلدتنا ليشككوا في الأعمال النبيلة التي تقدمها المؤسسات الخيرية ولكننا نستغرب كذلك النظرة الازدواجية من الدول الغربية للعمل الخيري الإسلامي ومؤسساته المختلفة ، فالدول الغربية تحارب كل من ترك رغد العيش ورفاهية الحياة ليأوي مشرداً في غابات كينيا أو يطعم جائعاً في صحاري دارفور وتتهمه بالإرهاب ودعم المؤسسات الإرهابية ولكنها في المقابل تقدم الدعم اللا محدود للجمعيات والمؤسسات التبشيرية والكنسية في مختلف البلدان وتصرف عليها ملايين الدولارات بداعي الإنسانية وخدمة المحتاجين ، إن الأم تريزا عندما كانت تعين المحتاجين وتساعد الفقراء حول العالم كان العالم الغربي يحيها بحرارة بل ويقدسها لأنها تعمل من أجل خدمة الإنسانية والبشرية ولكننا الآن نجد الدول الغربية ذاتها تلاحق رؤساء الجمعيات الخيرية والعاملين فيها وكأنهم مجرمو حرب أو أعضاء في عصابات المافيا الإيطالية الخطيرة .
إن الجميع يعلم بأن العمل الخيري هو بعيد كل البعد عن الإرهاب وقتل المدنيين وهو كذلك أبعد ما يكون عن دعم الإرهاب بجميع أشكاله بل على العكس تماماً فالعمل الخيري ومؤسساته تساهم بصورة كبيرة في تحسين صورة الإسلام المشوهة عند الغرب من خلال تقديم الصورة المشرقة للإسلام وأن الإسلام دين الرحمة ومساعدة الآخرين ودين إحترام الأديان السماوية وإحترام القيم والمبادئ لا دين قتل المدنيين وترويع الآمنيين .