تستهدف هذه الدراسة الكشف عن علائق الأدب واللسانيات بكيفية ضمنية، وخاصة علاقات الدراسات الأدبية بتحليل الخطاب.
فلقد استطاعت اللسانيات أن تحقق شرطي العلم الأساسيين:
تحديد الموضوع، وصياغة المناهج الملائمة لدراسة الموضوع قصد استنباط القوانين وإرساء القواعد الضابطة لمضمار هذا العلم. إذ تناسلت النظريات، وتميزت اتجاهاتها، تحدو أصحابها الرغبة في الاستئثار بمنهج يدلل صعوبة وصف نظم الأسس وصفا علميا. "ولعل ذلك ما يبرر الاحتفال الكبير الذي حظي به علم اللغة في مضمار النقد الأدبي. قياسًا بالعلوم الإنسانية المختلفة، لاشتراكها في الاهتمام بـ (اللغة) سواء باعتبارها منظومة تجريدية أم باعتبارها ممارسة كلامية، ورفد علم اللغة للنقد الأدبي بمفاهيم وقوانين لغوية مدققة. مما أتاح إمكانية تمييز خصوصية الخطاب الأدبي والنصوص الأدبية"[1].
ذاك التناقض الجاذب هو أول ما يشدك في هذا الديوان. التناقض بين الحصان الجامح الذي يتصدّر غلاف الديوان، بكل ما يحمله من معاني الأقدام والحركة والاندفاع، وبين عنوان الديوان "الانتظار" بكل ما يحمله من سكون واسترخاء وترقب قلق. ولعل هذا التناقض يلخّص طبيعة الأدباء بشكل عام، والشعراء بشكل خاص، حيث تكون المزاجية، والتمازج بين النقائض، والقلق جزءا من طبيعتهم التي لولاها لما آتى الإبداع.
لطالما عرفنا الشاعر عبد الرحمن العوضي شاعرا غنائيا أو (إنشاديا إذا جاز التعبير)، فهو من كتب كلمات مقدمات أغاني بعض المسلسلات التاريخية كمسلسل "الحسن والحسين" ومسلسل "خالد بن الوليد" في جزئه الثاني، وبرنامج "العذراء والمسيح"، بالإضافة إلى أناشيد ذائعة الصيت مثل "تفاءلت" و"احموا رسول الله". وها هو العوضي أخيرا –وبعد انتظار- يصدر ديوانه الأول "الانتظار".
تعتبر مدرسة أهل الحديث من المدارس السنية الإسلامية التي تميزت بالاهتمام بالحديث النبوي الشريف، والتي نشأت وتبلورت على يد علماء الحديث، وقبل أن نعرف بهذه المدرسة ومذهبها الفقهي، لابد من الوقوف - ولو في أسطر معدودة - على المقصود بأهل الحديث. فالحديث لغة: ضد القديم، واصطلاحًا: " هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خُلقي"[1]. وفي التعريف بأهل الحديث، تتابعت الآثار عن العلماء والأئمة أن الطائفة المنصورة أو الناجية في حديث معاوية - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس"[2] هم أهل الحديث، قال علي بن المديني (234 هـ) إن المقصود بالطائفة: أهل الحديث الذين يتعاهدون مذاهب الرسول صلى الله عليه وسلم ويذبون عن العلم، لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئًا من السنن، ويقول الإمام أحمد (241هـ) لما سئل عن الجماعة: "إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم"[3]، وقال ابن قتيبة (276هـ): "فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوا مظانه، وتقربوا من الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلبهم لآثاره وأخباره برًا وبحرًا، وشرقًا وغربًا، يرحل الواحد منهم راجلًا مقويًا في طلب الخبر أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة، ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها حتى فهموا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي فنبهوا على ذلك حتى نجم بعد أن كان عافيًا، وبسق بعد أن كان دارسًا، واجتمع بعد أن كان متفرقًا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضًا، وتنبه عليها من كان عنها غافلاً، وحكم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان، وإن كان فيه خلاف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"[4]، ويقول ابن تيمية: " وإذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك: هم
عن المؤلف:
د. إيمون باتلر مدير معهد آدم سميث، وحاصل على درجات جامعية في علم الاقتصاد والفلسفة وعلم النفس من جامعة سانت أندروز. عمل لحساب مجلس النواب في الولايات المتحدة، ودرَّس الفلسفة في كلية هيلزديل كولدج، بميشيجان، ثم عاد إلى المملكة المتحدة للمساعدة في إنشاء معهد آدم سميث في أواخر السبعينيات. وقد ألف كتبًا عن اقتصاديين أمثال ميلتون فريدمان، ولودفيج فون ميزس وإف إيه هايك، إضافة إلى كتب تمهيدية عن فون ميزس وآدم سميث لمعهد الشئون الاقتصادية. له إسهامات كثيرة في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع على غرار "أفضل كتاب عن السوق"، و"الحالة الفاسدة لبريطانيا"، و"البيان البديل" قدرًا كبيرًا من الأهمية. [1]
يرى باتلر أن المدرسة النمساوية هي "نهج لعلم الاقتصاد نشأ في فيينا في سبعينيات القرن التاسع عشر". وهي تنتقد بشدة الاتجاهات الاقتصادية السائدة حديثًا، لأنها تعتقد بأن كل الأحداث الاقتصادية تنبع من قيم الأفراد المعنيين واختياراتهم وظروفهم في وقت الاختيار. وتعتقد أن جمهور علماء الاقتصاد مخطئون عند محاولة البحث عن صلات إحصائية بين الظواهر الاقتصادية، إذ أن منهج هذه المدرسة مبني على الفرد والقيمة بما يوفر تفسيرًا أفضل للأحداث الاقتصادية؛ كفترات الانتعاش والكساد الاقتصاديين. ليست المدرسة النمساوية للاقتصاد مؤسسة تعليمية مقرها فيينا ومعنية باقتصاد النمسا ذاتها، بل هي منهج خاص في علم الاقتصاد ويعد أساسًا للاقتصاديين الذين يتبعونه في أرجاء العالم.[2]
"قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: أيّ قرائك أحبّ إليك؟ قال الأستاذ الشيخ: هذا الذي يقرأ مخلصًا، وينقد ناصحًا، ويعلن الرأي صريحًا، لا يصانع فيه، ولا يلتوي به. قال الطالب الفتى: ومن لك بالقارئ الذي تجمع له هذه الخصال؟ قال الأستاذ الشيخ: هبّه إحدى المنى التي يقول فيها الشاعر القديم:
منًى إنْ تكنْ حقًا تكنْ أعظم المنى وإلاّ فقد عشنا بها زمنًا رغدا
وها أنا أعود مرة أخرى بعد انقطاع دام أكثر من سنة؛ لأتحدث في موضوع دقيق يهتم له المجتمع، أو أكثر طبقات المجتمع، أعني بذلك طبقة المعلمين، أولئك الأكثر صبرًا وجهادًا وشقاءً من أي فئة أخرى.
أتحدث عن أوضاعهم بعد أن غابت الأصوات التي تدعو لأنصافهم ماديًا، وبقي جرحهم ينزف دون أن ينظر أحد من المسؤولين إليه بعين اهتمام ومتابعة.
أترك الحديث عن أوضاع المعلمين المادية، الآن؛ لأني سأعرض لوجه آخر من معاناتهم، وإن كانت لا تقلّ أهمية عنه، سأتحدث عن الإشراف التربوي ودور المدير في المدرسة.
إنّ وزارة التربية والتعليم هي الجهة المسؤولة والمخولة بسنّ القوانين وإصدار التعليمات التي تراها مناسبة وملبية لطموحات شعبنا العظيم، وهي أعلى الهرم في طبقة الموظفين سواء أكانوا في مكاتب التربية أم في المدارس من مديرين ومعلمين. وهذه الوزارة مهمتها متابعة أخبار الموظفين ورسم الخطط المستقبلية وحلّ المشاكل وغير ذلك ما يتصل بالتعليم.
المتأمل في مشهد الساحة الإبداعية الكويتية، يرى عدداً غير قليل من النتاج الروائي الشبابي. وهذا شيء يبعث على الفرح والتفاؤل. لكن عدداً قليلاً من هذه الكتابات يشير بوضوح إلى موهبة صاحبه، وإخلاصه في جهده، وجديته في التعامل مع مادته الروائية، ومؤكد أن رواية حياة الياقوت «كاللُّولُو» في طبعتها الأولى الصادرة 2012، تدخل ضمن هذا العدد القليل!
«كاللُّولُو» تلج عالماً قلما تناولته رواية كويتية، وأعني بذلك عالم الطفولة. طفولة السنوات الأولى، المتمثلة في مرحلة الدراسة في رياض الأطفال، وهي إذ تخوض في هذا العالم الغض المليء بالخيلات والأفكار الساحرة والعجيبة، فإنها تستحضر كل ما صاحب هذا العالم من تفاصيل الحياة الاجتماعية في الكويت، من خلال عيون الطفلة «خيال»، إبان أعوام منتصف السبعينيات من القرن الماضي وحتى الغزو الصدامي الآثم. ويبدو عالم الأسرة الكويتية بتفاصيله الحميمة الخلفية الأجمل في الرواية، مما يجعل من الرواية توثيقاً ذكياً وصادقاً لتفاصيل حياة اجتماعية غابت معظم مظاهرها عن يومنا الراهن.
قسّمت حياة الياقوت روايتها إلى خمسة أجزاء هي: غيوم جذلى تتبدد، ومرتفع ش/جوي، وغبار عالق، والرؤية متعذرة، وريح السموم، كما أنها قامت بتسمية المشاهد داخل كل قسم. وهي إذ تأخذ القارئ إلى مغامرات الرواية عبر وعي الطفلة خيال، فإنها تطعّم الرواية بخط آخر يتمثل في مقتطفات من «مذكرات بابا جاسم» وهي مقتطفات تسلط الضوء على الحدث الذي تعيشه الطفلة خيال، لكن من زاوية أخرى، بوعي مغاير ومتقدم ومنفتح على ما هو إنساني، مما أضاف بعداً اجتماعياً مهماً لأجواء الرواية، خاصة وأن مذكرات بابا جاسم كانت بمنزلة الكاميرا التي صوّرت وحفظت لنا جزءاً من ذاكرة المجتمع الكويتي، في حراكه الاجتماعي خلال تلك الفترة.
الرواية تأتي بنص متن، نص أساسي، هو حكاية الطفلة «خيال» مع المدرسة وفصول ومواد الدراسة وعلاقتها بزميلاتها ومدرِّساتها وكذلك أبيها وأمها وسر مرض أبيها، وشكّها الطفولي وهواجسها بعلاقة أبيها بالدكتورة استقلال أم زميلتها. كل هذا يأتي إلى جانب نص حاشية، نص مجاور يقدم رؤية وقناعات لشخصية ليس لها من ظهور في الرواية إلا كتاباتها التي أطلقت عليه الكاتبة «من مذكرات بابا جاسم»، وربما عُدَّ ذلك حسنة للرواية في انها تقدم عوالم إحدى الشخصيات من خلال كتاباتها.
الرواية مكتوبة بصيغة ضمير المتكلم، ومن المفترض أن المتكلمة هي الطفلة خيال، لكن بعد أن تعدّت العشرين من عمرها، وأصبحت دكتورة. والقارئ إذا يعايش مشاهد الرواية، يشعر أحياناً أن بعض المشاهد المكتوبة بعيون الطفلة تنمّ عن وعي متطور لا يتآتى لطفلة. مع العلم أن الرواية مكتوبة بحميمية كبيرة، وبتفاصيل طفولية تشمل ألعاب الأطفال وأسماءها وأهم ما يشغل بالهم حيال اللعبة، وكيف أن الألعاب تشكّل في مخيلة الطفل حياة أخرى لا تقل أهمية عن حياته الحقيقية. إضافة إلى نقطة مهمة، وهي أن كل المناسبات والأماكن مكتوبة كأقرب من تكون إلى الواقع، والواقع الكويتي تحديداً، وبما يوثق لفترة مهمة من فترات المجتمع الكويتي.
الكثير من الأعمال الكويتية الروائية الشبابية يغلب عليها الجملة الركيكة إن في صياغتها أو في مدلولها، لكن جمل «كاللولو» مسكوبة بشكل صحيح، ولو أن المنحى الديني الوعظي يظهر جلياً في بعضها، إلا أنه يُحسب لحياة الياقوت عشقها للغة وحرصها على كتابة جملة عربية صحيحة، بعيداً عن العامية وبعيداً عن الأخطاء النحوية البائسة!
رواية «كاللّولو» تبشر بميلاد كاتبة واعدة، لاسيما أن حياة الياقوت مهمومة بشأن الكتابة، وهي رئيسة تحرير دار ناشري الإلكترونية، أول دار نشر ومكتبة إلكترونية مجانية في الوطن العربي.
نشرت في جريدة الجريدة، عدد 19 نوفمبر 2013، صفحة 22.
السؤال الأول: (درجتان)
مُراعيا أصول التلخيص التي تعلمتها، لخّص فيما لا يزيد عن أربعة أسطر رواية "ساق البامبو" للروائي الكويتي سعود السنعوسي.
الإجابة:
تزوج راشد الطاروف سرا بالخادمة الفلبينية جوزافين، التي أنجبت له صبيا سمّاه عيسى. تحت ضغط الأهل اُضطر راشد إلى إرسالها ووليدهما إلى الفلبين، حيث نشأ عيسى/هوزيه وقد حمّلته أمّه بفكرة أن الكويت فردوسه الموعود. لكنه حينما عاد للكويت، اكتشف أنها ليست كذلك، فعاد للفلبين حيث تزوج ابنته خالته التي طالما أحبها، وأنجبا صبيا، وعاشا في سعادة وهناء.
* * * * *
هكذا يمكنني تخيل سؤال منهجي قد يرد مستقبلا عن هذه الرواية. وهذا ليس مجرد تمرين على التلخيص، بل درس بأن القصة العامة ليست كل شيء، فإنما الروايات بتفاصيلها.
فحينما نتمعن في ملخص القصة، نجد -ويا للغرابة- أننا أمام شيء قريب من الميلودراما بكل المعنى السلبي للكلمة. شيء قريب مما قد نقرأه من القصص الشاجية في الصحف الفضائحية، أو المنتديات، أو ما قد يستعرضه برنامج تلفزيوني اجتماعي يهدف للإثارة. لكن مهلا! لا تحكموا على كتاب من عنوانه، ولا على رواية من ملخصها.
يقول عمر بن الوردي:
خذ بنصل السيف واترك غمده *** واعتبر فضل الفتى دون الحُللْ
القصة الواردة أعلاه كانت الغمد فقط، غمد بسيط في الحقيقة، لكنه يُقِل سيفا حادا ذي نصل موجَّه إلى مفاصل مهترئة في مجتمعنا.
الصفحة 8 من 31