أرضية المسرح خالية، بلا ستائر تغلقها، مظلمة، إلا من بقعة ضوء دائرية تتوسط المكان، لا توجد موسيقي ولا أي شيء يوحي بأن هناك عرضًا مسرحيًّا يوشك على البدء، الصمت والسكون يسيطران على كامل الأجواء.
يظهر من جانبي المسرح شخصان متقابلان يمشي كل منهما باتجاه الآخر بآلية في طريق مستقيم لبقعة الضوء التي تقع بينهما، يتوقفان عن السير فجأة، وينحنيان، ولكن ليس في مواجهة المشاهدين أمامهما، بل كل واحد منهما في اتجاه الآخر.
القادم من اليمين يرتدي ملابس بيضاء تمامًا حتي قبعته وقفازاته بيضاء اللون، وجهه فقط هو الذي يظهر بالكاد بلونه الطبيعي وملامحه العادية، أما الآخر القادم من اليسار فمثله تمامًا، مع اختلاف أنه يرتدي السواد.
يكملان السير ويقفان مباشرة عند حدود بقعة الضوء الدائرية، كل منهما في مواجهة الآخر، تحجب قبعتاهما سقوط الضوء المباشر علي وجهيهما، فلا يلاحظ من ملامحهما إلا بقع ضوء غير مباشرة وظلال معتمة، ليزداد موقفهما غموضًا!
الأبيض: أهلا بك .
الأسود: (محتجًّا) لماذا بدأت أنت الحديث أولا؟!
ياقوت الحموي يترجم للرازي:
"هو محمد بن عمر بن الحسين فخر الدين، أبو عبد الله الرازي، الفقيه الحكيم الأديب المتكلم المفسر العلامة، فريد دهره ونسيج وحده، فخر الدين أبو عبد الله القرشي التيمي البكري الطبرستاني الأصل، الرازي المولد، ابن خطيب الري الشافعي الأشعري:
علامة العلماء والبحر الذي ... لا ينتهي ولكل بحر ساحل
ما دار في الحنك اللسان وقلبت ... قلما بأحسن من ثناه أنامل "
ولد فخر الدين الرازي سنة أربع وأربعين وخمسمئة للهجرة، وتتلمذ على والده الإمام ضياء الدين، وكان من تلامذة محيي السنة أبي محمد البغوي، وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمئة تلميذ، فقهاء وغيرهم، وكان خوارزم شاه يأتي إليه. [1]
* مقدمة:
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59].
أما بعد، فقد يبدو العنوان غريباً للوهلة الأولى. ولكن بعد التأمّل الجيد فيما سأعرضه وأبيّنه في هذا المقال، ستتجلى حقيقة الأمر، بإذن الله تعالى.
إن أكثر المثقفين المسلمين يجهل حقيقة علم أصول الفقه، ويخلط بينه وبين الفقه، فيحسب أنه أمهات مسائل الفقه، فكان لا بد من بيان حقيقته باختصار، ثم تمييزه عن علم الفقه، لأنتقل بعد ذلك للدخول في صلب الموضوع، والوصول إلى بيت القصيد.
أما الفقه، فهو في أشهر تعريفاته: "العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية". وكذلك يُطلق على الأحكام الشرعية العملية نفسها، من عبادات ومعاملات، ونحوها.
وأما علم أصول الفقه، فهناك عدة تعريفات له، تختلف بألفاظها وتتقارب بمعانيها، وليس المقام مقام عرضها والمقارنة بينها. ولكنني سأختار هنا أحدها، وهو تعريف جمهور الأصوليين؛ لأنه الأوضح والأقرب إلى تحقيق غرضنا.
ينص هذا التعريف على أن علم أصول الفقه هو: "العلم بالقواعد الكلية التي يتوصّل بها المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية".
يمكننا التعرف على الفن الإسلامي بوجه عام من خلال تلك التصاميم الزخرفية والهندسية والفنية التطبيقية التي نشأت وتطورت وسادت في جميع المناطق والبلدان التي دخلها الإسلام وحكمها المسلمون، والممتدة - في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا- من شبه القارة الهندية والمحيط الهندي وتخوم الصين شرقا إلى الأندلس والمحيط الأطلسي غربا، وكان مولد هذا الفن في القرنين السابع والثامن الميلاديين (ق1و2هـ) معتمدا على فنون الحضارات السابقة وعلى رأسها الساسانية والبيزنطية والهلينستية، ثم نما وبلغ درجة الإبداع ونضجت شخصيته الإسلامية ووضحت مميزاته وخصائصه المميزة والفريدة خلال القرون الثامن والتاسع والعاشر الميلادية (ق2و3و4هـ)، ثم ترعرع وبلغ عنفوانه خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين (ق7و8هـ)، ثم دب إليه الضعف والهرم منذ القرن الثامن عشر الميلادي (ق11هـ) بعد أن تأثر الفنانون والصناع في ديار الإسلام بمنتجات الفنون الأوربية خلال عصر نهضتها.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فحينما كنت أعدّ حلقة إذاعية في تفسير بعض الآيات الكريمات من سورة المائدة، وكان منها قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100]. لفت نظري كثرة تكرر كلمتي الطيب والخبيث ومشتقاتهما في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأنهما تأتيان عامّتين مطلقتين في مواضع كثيرة، في الماديات المحسوسات وفي المعنويات المدركات بالعقل بالنفس، وتأتيان أوصافاً لأمور كثيرة، مادية ومعنوية أيضاً.
فعنّ لي أن يكون كثرة وورودهما وتنوّعه دالاًّ على ميزان ومعايير تضبط دلالاتهما، ليسير عليها المسلمون في حياتهما.
فرأيت أن أخصص جزءً من الحلقة الإذاعية لهذه القضية، ثم رأيت أن أكتب هذه مقالة فيها.
فما دلالات كلمتي (الطيب والخبيث) وما إليهما، في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؟ وهل هناك روابط تجمعها؟ ثم ما الميزان الذي يضبط لنا هذه الدلالات للعمل بمقتضاها؟
كثيرٌ من الناس يخدعهم الاسم. فحينما يقال إنّ فلانا ينتمي إلى المدرسة الرومانسية أو تأثر بالاتجاه الرومانسي في الأدب، يظنّه البعض كاتبا متخصصا حصرًا في قصص الحب والغراميات. وكم تكون صدمتهم عظيمة حين يعلمون أنّ أتباع المدرسة الرومانسية هم ثُوَّار الأدب! الرومانسيون (أو الابتداعيون كما يسميهم البعض) تحرّكهم الفردية، والذاتية، والخيال، والوجدان. الرومانسيون نادرا ما يعبؤون بالشكل التقليدي للصنف الأدبي الذي يكتبونه، بل يميلون للتجريب والخروج عن القاعدة، فهذا جزء من تكوينهم الثوري. الرومانسيون حالمون، توّاقون للماضي، على صراع دائم مع المجتمع، ببساطة لأن المجتمع يسعى لتقويض أهم ما يميزهم: الذاتية. هم قوم يأبون أن يكونوا نُسخا من القطيع. ونظرا لطبيعتهم الحالمة والمشبعة بالوجدان، نجد الطبيعةَ تعني لهم الكثير، لكن بطريقة مختلفة عن السائد. فالأديب الكلاسيكي (المدرسة الإتباعية) يتعزل بالطبيعة وروعتها، بينما نجد الأديب الرومانسي يؤنسن الطبيعة. ومن المفارقات أنه رغم طبيعة الرومانسيين الحالمة التي تخدع الناس فيظنون أنهم قوم مسالمون، نجدهم في صراع مع المجتمع، وتعتريهم نزعات ثورية ساخطة، مشبعة بالعاطفة المضطربة أحيانا!
يوم "فالنتاين" مناسبة تعامل الزهور بطقسية قطيعية باعتبارها أفضل تعبير عن الرومانسية. لن نغوص في الأسباب التاريخية والنفسية التي جعلت البشر يرون أن الزهور لها هذه القوة التعبيرية، بل فلنرَ كيف يرى اثنين من الأدباء الذين طالتهم النزعة الرومانسية، كيف يرون هذا الأمر، أي قطفَ الزهور وإهداءها.
الصفحة 23 من 433