أتى أمر الله وقضى الشاعر المهندس سليم عبد القادر زنجير، وكتب الله له الراحة الكبرى بعد معاناة أليمة، نسأل الله عز وجل أن يرفعه بها درجات في الفردوس الأعلى. وكان نظام البعث قد حكم عليه بالإعدام حضوريًا عام 1979 لكن الله سبحانه وتعالى نجاه وكتب له عمرًا جديدًا مثمرًا أتم فيه دراسته وأنجب أولاده ونظم فيه أشعاره. وحينما دعيت لمقابلته تصورته بشكل معين، فإذا بي أرى شابًا رقيقًا نحيل الجسم، خفيض الصوت، جم الكياسة والتواضع والتهذيب، طليق اللسان يعبر دون خجل عن الواقع بصراحة لايغيب عنها المرح.
وفي المرات القليلة التي التقيته بها بعد ذلك لم أجده قد تغير، وإنما اكتشفت فيه صفات الزهد والكرم مع اعتداده الشديد بكرامته ولم يكن يهتم أبدًا بجمع المال واكتنازه فإن أتاه أحله بمنزلة العبد وليس بمنزلة الصنم. وكان سليم يرحمه الله لا يتخلى عن كياسته ورقته أبدًا وكان يراعي مشاعر الناس، فلم يكن يتكلم إلا بحساب مراعيًا ألا يغمط أحدًا حقه وألا ينسى من أحسن إليه ولو بنظرة أو ابتسامة. وكان مسامحًا لكل الناس ولا يجد في الحياة ما يستحق الخصومة أو أن يحمل الانسان في نفسه شيئًا، فكان سعيدًا مرتاحا. ومع ميله للشعر والأدب فإنه كان يحب الرياضيات ويعلمّها لأولاده كعلم يحبه ويفهمه ويندمج فيه ويستنطقه ويتكلم عنه. وكان رحمه الله يمتاز بالشجاعة في التفكير ومواجهة المشاكل، فلم يكن يلجا للهروب واللف والدوران، بكل كان يجلو لب المشكلة ويصل إليه بسهولة سواء أكان قادرًا على التصرف حيالها أم لا. وكان لديه مكتبة ضخمة جمع فيها كتب اللغة والشعر لتعنيه في دربه الذي اختاره.
وقد أحس سليم بفجوة في تراثنا الأدبي تتمثل في غياب شعر الأطفال وأناشيدهم وأهازيجهم، وأحس بقدرته على سد هذه الفجوة، فترك عمله ووضع شهادة الهندسة على الرف وتفرغ لكتابة أشعار الأطفال وأخلص لها. وجمع حوله أخويه عبد الله، وصديق عمره محمد سداد عقاد فأسسوا شركة سنا للإنتاج الإعلامي التي حولت أشعاره إلى أغان جميلة مصورة بطريقة الفيديو كليب. وقد وفّقه الله وأصبحت أناشيده على لسان الأولاد في كل مكان ينطق أهله بالعربية. وفي بلاد المغرب العربي حيث فرنسا حاولت فرنسا محو اللغة العربية عبر احتلال دام أكثر من قرنٍ من الزمان شرّد معظم السكان في الجبال ودمر الكثير من المكونات الثقافية، أخدت الأمهات يهدهدن لأطفالهن بأشعار سليم عبد القادر التي وصلتهم عبر أناشيد الطفل والبحر ليناموا على ألحانها بدلا من "فريرو جاكو، فريرو جاكو، دورمي فو، دورمي فو، سونّي لا ماتينو دين دان دون". وصارت أشعاره وسيلة لتعليم الأطفال العرب في مهاجرهم مبادئ الإيمان واللغة العربية الفصحى السهلة الواضحة.
إنَّ الدَّارس للتراث العربي، لَيقف متعجبا أمام العبقرية الفذة التي ميزت رجاله، لا نقول هذا لأننا عرب، ولكن الواقع والتاريخ شاهدان على ذلك، ففي هذا المُنجز نجد أمامنا قامات علمية اقتدرت على اختراع علوم بأكملها؛ وحسبنا (الرسالة) التي خطتها يراعة الإمام الشافعي جوابا على رسالة مثلها أرسلها الإمام عبد الرحمن بن مهدي، فكانت لبنة علم أصول التشريع الإسلامي، والباب الخامس من (الموافقات) للعلامة الشاطبي الذي وضع أسس علم مقاصد هذا التشريع، وابن خلدون الذي جاءت مقدمة تاريخه (ديوان العبر) لتؤسس لعلم الاجتماع، وغير ذلك كثير .
ومن تلك القامات التي يتوجب الوقوف عندها الخليل بن أحمد الفراهيدي (100هـ - 175هـ) الذي وضع علم العروض، وعلم المعجمية العربية، وهو الأب الروحي لعلم النحو؛ هذا البحر الذي أردنا في هذه العجالة العودة إليه، والتذكير بفضله على الأمة العربية والإسلامية جمعاء فيما يتعلق بجهوده الجليلة في خدمة الشعر العربي، لأنه وضع لها ما يعصم ديوانها من الضياع والتحريف، فحُقَّ له أن يلهج بذكر فضائله الذاكرون ويُعنى بمدارسة تراثه الدارسون .
من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي ؟ :
* هو العلاَّمة المُتفنِّن الحكيم العبقري شيخ النحاة الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي -ويقال: الفرهودي- ، نسبة إلى فراهيد، وهي بطن من قبيلة الأزد العربية. والفرهود: ولد الأسد بلغة أزد شنوءة، والفراهيد: صغار الغنم. يقال أن أباه أول من سمي في الإسلام بأحمد ([3]) .
* ولد الخليل بالبصرة على رأس المئة الأولى من الهجرة، وتلقى العلم عن شيوخها اللغويين والمحدثين وغيرهم، ومن أبرز من أخذ عنهم العلم: عيسى بن عمر النحوي وأيوب السختياني وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وغالب القطان .
* وقد شهد له كل من عرفه بالذكاء الفائق؛ فقال أحمد بن يحيى ثعلب : «الخليل رجل لم يُر مثله»([4]) . وقال أبو بكر الزبيدي: «هو أوحد العصر، وقريع الدهر، وجهبذ الأمة، وأستاذ أهل الفطنة، والذي لم يُر نظيره، ولا عُرف في الدنيا عَديله»([5]). وقال محمد بن سلام الجُمحي: «سمعت مشايخنا يقولون: لم يكن للعرب بعد الصحابة أذكى من الخليل بن أحمد ولا أجمع» . وقال أبو محمد التوجي : «اجتمعنا بمكة أدباء كل أفق، فتذاكرنا أمر العلماء حتى جرى ذكر الخليل، فلم يبق أحد إلا قال: الخليل أذكى العرب، وهو مفتاح العلوم ومُصرِّفها». وقال حمزة بن الحسن الأصبهاني: «إن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل، وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض، الذي لا عن حكيم أخذه، ولا على مثال تقدَّمه احتذاه . فلو كانت أيامه قديمة ورسومه بعيدة ، لشك فيه بعض الأمم، لصنعته ما لم يصنع أحد منذ خلق الله الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره، ومن تأسيسه بناء «كتاب العين» الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة، ثم من إمداده سيبويه من علم النحو بما صنف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام»([6]) . بل بالغ بعض أهل العلم؛ فقال: إنه لا يجوز على الصراط بعد الأنبياء عليهم الصلاة السلام أحد أدق ذهنا من الخليل ([7]) .
* ولما ذاع صيت الخليل ، قصده الطلبة من الآفاق، وحسبك أن أئمة النحو والعربية جلهم من تلاميذه؛ فعنه أخذ سيبويه والنضر بن شميل والأصمعي ومؤرج السدوسي ونصر بن علي الجهضمي وهارون بن موسى النحوي ووهب بن جرير وغير واحد من أكابر النحاة واللغويين. وكان يملي على الطلبة من حفظه؛ قيل لسيبويه: هل رأيت مع الخليل كتبا يملي عليك منها؟ قال: لم أجد معه كتبا إلا عشرين رطلا فيها بخط دقيق ما سمعته من لغات العرب، وما سمعت من النحو؛ فأملاه من قلبه ([8]).
* وقد كان الخليل رجلا صالحا عاقلا وقورا كاملا، مُنقطعا إلى العلم ، متقللا من الدنيا جدا، صبورا على خشونة العيش وضيقه، وكان ظريفا حسن الخلق، كثيرا ما يتمثَّل ببيت الأخطل:
وإذا افـتـقـرت إلـى الـذخـائر لم تجد |
|
ذُخــرا يـكون كـصـالح الأعمال ([9]) |
قال تلميذه النضر بن شميل: «أقام الخليل في خُص - يعني : بيت متواضع - من أخصاص البصرة، لا يقدر على فِلسَين، وأصحابه يكسبون بعلمه الأموال، ولقد سمعته يوما يقول: إني لأغلق علي بابي فما يجاوزُه همي» .
* كان الخليل كريم النفس، يتواضع لمن يقصده للتعلم، قال أيوب بن المتوكل: «كان الخليل إذا أفاد إنسانا شيئا لم يُره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد أراه بأنه استفاد منه»([10]) . وكان مع ذلك يجل علمه عن الابتذال، شعاره : العلم يؤتى ولا يأتي. ولقد أرسل إليه أمير البصرة في زمانه سليمان يسأله أن يحضر عنده لتأديب أولاده، فأخرج خبزا يابسا، وقال : ما دام هذا عندي لا حاجة لي فيه !([11]) .
* وللخليل كتب ، كلها في التأصيل العلمي والتقرير المنهجي للغة العربية باختلاف فروعها؛ فمن ذلك «كتاب النغم»، و«كتاب العروض»، و«كتاب الشواهد»، و«كتاب النقط والشكل»، و«كتاب العين»، و«كتاب فائت العين»، و«كتاب الإيقاع»، و«كتاب الشواهد»، و«كتاب العوامل»([12]) .
* كانت وفاة هذا العالم الكبير بمسقط رأسه البصرة، وكان سبب موته أنه قال: «أريد أن أقرِّب نوعا من الحساب، تمضي به الجارية إلى التاجر، فلا يمكنه ظلمها»، ودخل المسجد وهو يُعمل فكره في ذلك، فصدمته سارية وهو غافل عنها بفكره، فانقلب على ظهره. وقيل: بل كان يُقطِّع بحرا من العروض . واختلف في سنة وفاته؛ فقيل: سنة ثلاثين ومئة، وقيل: ستين، وقيل: بضع وستين، وقيل: سبعين، وقيل: خمس وسبعين ومئة. والأول : خطأ قطعا، والأقرب أنه في السبعين أو بعدها رحمه الله تعالى، وجزاء عن العلم وأهله خير الجزاء ([13]) . فقد عاش للعلم ومات له، وأفنى فيه عمره.
تقنين الشعر العربي (علم العروض) :
علم العروض :
* يعد الخليل يُنْبوع علم العروض، والذي هو : ميزان شعر العرب، فيه يبحث عن المركبات الموزونة من حيثُ وزنها. وهذا العلم لو نطق لقال : أنا معيار القريض وميزانه، وعلي تبنى قواعده وأركانه، لم يزل الشعر في علو رتبته بفضلي معترفا، ومن بحوري مغترفا ، ولحقي متحقِّقا ، وبأسبابي متعلقا، فأبياته بميزاني محررة، وأجزاؤه بقسطاس تفاعيلي مقدرة، وبفواصلي متصلة، وبأوتادي مرتبطة غير منفصلة ([15]) .
فالخليل -بالإجماع - هو الذي استنبط هذا العلم وأبان عن علله، وأخرجه إلى الوجود وحصَّن به أشعار العرب، وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحرا . قال أبو الطيب : «وأحدث أنواعا من الشعر ليست من أوزان العرب»([17]) . ولفظة (العَرُوض) مؤنثة، لا تجمع لأنها اسم جنس؛ وسمي بها العِلم لأنه يُعارض بها، والعروض أيضا اسم الجزء الذي في آخر النصف الأول من البيت، ويجمع على أعَارِيضَ وأعَارِضَ ([16]) .
مناسبة اختراع علم العروض :
(العروض) لغةً ، يُطلق على معان ؛ منها : المكان الذي يعارضك إذا سرت، وفي المثل : فلان رَكوض بلا عَروض أي بلا حاجة عَرضت له . ومنها : الناحية؛ يقال: أخذ فلان في عروض ما تعجبني، أي في طريق . والعروض مكة والمدينة واليمن وما حولها، لاعتراضها بين الحجاز والبحرين. والعروض من الإبل الذي يأخذ يمينا وشمالا ([14]) .
والمُناسبة بين هذه المعاني اللغوية وبين جعل هذه اللفظة علَما على هذا العلم كون : الخليل - فيما نُقل- دعا بمكة أن يُرزق علما، لم يسبقه أحد إليه، ولا يؤخذ إلا عنه، فرجع من حجه، ففُتح عليه بعلم العروض ([18]) . وقال حمزة بن الحسن الأصبهاني : «وإنما اخترعه من مَمر له بالصَّفَّارين من وَقع مِطرقة على طست؛ ليس فيهما حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حِليتهما، أو يفيدان غير جوهرهما»([19]) . يعني : أن غيره لم يكن ليربط البعد الإيقاعي في الشعر بنظيره الناجم عن وقع المطرقة على النحاس .
وإنما أهَّل الخليل لابتكار هذا العلم - بعد توفيق الله تعالى – أمران :
- أحدهما: الذهنية الرياضية التي كان يتمتع بها ، حيث أنه كان غاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس. وقد تجلى ذلك في (فكرة الدوائر العروضية)؛ يقول عبد الواحد بن علي في ترجمة الخليل من كتابه «مراتب النحويين»: «...ثم ألف على مذهب الاختراع وسبيل الإبداع كتابي «الفرش» و«المثال» في العروض، فحصر بذلك جميع أوزان الشعر، وضم كل شيء منه إلى حيزه، وألحقه بشكله، وأقام ذلك عن دوائر أعجزت الأذهان، وبهرت الفطن وغمرت الألباب»([21]) . والدائرة العروضية ؛ هي سلسلة التفعيلات التي ينتجها التبديل الدوراني ، لسلسة تفعيلية مركبة من الأسباب والأوتاد. وقد تُكون هذه التفعيلات الناتجة بحورا، لم تستعملها العرب ، فتعرف بأنها بحور مهملة ، وهذا هو السبب في إلحاق الخَبب ببقية البحور ، حيث أهمله الخليل ، ووقف له الأخفش على شواهد ([22]) .
- والآخر: معرفته بالإيقاع والنغم، ولا أدَلَّ على ذلك من كتاب الموسيقى، الذي جمع فيه أصناف النغم، وحصر به أنواع اللحون، وحدد ذلك كله ولخصه، وذكر مبالغ أقسامه ونهايات أعداده . وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض، لتقاربهما في المأخذ، ذلك أن أهل العروض مجمعون على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم، وصناعة العروض تقسم الزمان بالحروف المسموعة ([20]) .
* اعتمد الخليل في تقطيع الشعر على ما يقع في السمع دون المعنى، إذ المعتد به في صنعة العروض إنما هو اللفظ؛ لأنهم يريدون به عدد الحروف التي يقوم بها الوزن متحركا وساكنا، فيكتبون التنوين نونا، ولا يراعون حذفها في الوقف، ويكتبون الحرف المدغم بحرفين، ويحذفون اللام وغيره مما يدغم في الحرف، الذي بعده كالرحمن والذاهب والضارب، ويعتمدون في الحروف على أجزاء التفعيل، فقدتتقطع الكلمة بحسب ما يقع من تبيين الأجزاء ؛ كما في قول الشاعر :
ستُـبـدي لـك الأيـام مـا كنت جاهلا |
|
ويـأتـيـك بـالأخـبــار مـن لـم تزود |
فيكتبونه على هذه الصورة : ستبدي لكالأييا مماكن تجاهلن ويأتي كبالأخبار ملم تزودي ([23]) .
ويقال : إن الخليل كان له ولد متخلف، فدخل على أبيه يوما فوجده يقطع بيت شعر بأوزان العروض فخرج إلى الناس، وقال إن أبي قد جُنَّ ! فدخلوا عليه وأخبروه بما قال ابنه ؛ فقال مخاطبا له :
لـو كـنـت تـعـلـم مـا أقول عذرتني |
|
أو كـنـت تـعـلـم مـا تـقول عذلتكا |
لـكـن جـهـلـت مـقـالتـي فعـذلتني |
|
وعـلـمـت أنـك جـاهــل فـعذرتكا |
ويُحكى عنه أنه قال : «كان يتردد إليَّ شخص يتعلم العروض، وهو بعيد الفهم، فأقام مدة ولم يَعلَق على خاطره شيء منه؛ فقلت له يوما : قطع هذا البيت :
إذا لـم تـسـتـطـع شيئـا فـدعـه |
|
وجـاوزه إلـى مـا تـسـتـطـيــع |
فشرع معي في تقطيعه على قدر معرفته، ثم نهض ، ولم يعد يجيء إلي ! فعجبت من فطنته لما قصدته في البيت ، مع بُعد فهمه»([24]) .
العروض بين القبول والرفض :
* لما أرسى الخليل قواعد العروض ، تدفق عليه الراغبون في تعلمه ، وكان من أول من جاءه يحيى بن المبارك اليزيدي ([25])، ثم كَثُر الطلبة، وتنافس الراغبون في إتقان هذه الصنعة الجديدة .
وككُل جديد ، لم يكن علم العروض لِيَسلم من الاعتراض ؛ فانتقده طائفة من الشعراء والعلماء، وردوا على مخترعه؛ ومن هؤلاء : برزخ الكوفي العروضي صاحب الكتب العديدة في العروض، والتي منها : كتاب «النقض على الخليل وتغليطه في كتاب العروض»، وكذلك علي بن هارون بن يَحين صاحب كتاب «الرد على الخليل في العروض»، وللمفضل بن سلمة بن عاصم كتاب «الرد على الخليل» ، وللمفضل بن محمد «كتاب العروض»، رد فيه على الخليل ([27]).
وربما تمرد بعض الشعراء على العروض؛ كما فعل أبو العتاهية الذي له أوزان لا تدخل في العروض، فسئل هل تعرف العروض؟ فقال : «أنا أكبر من العروض !». وكذا رزين بن زند العروضي ، سمي بذلك لأن كثيرا من شعره يخرج عن العروض ([29]) . وهذا الشاعر الكبير الحسين بن الحجاج البغدادي -والذي يقال : أنه في درجة امرئ القيس- يقول :
مـسـتـفـعـلـن فـاعـلـن فـعـول |
|
مـسـائـل كـلـهــا فـضـــــــولُ |
قـد كـان شـعـر الورى صحيحـا |
|
مـن قـبـل أن يُـخـلـق الـخلـيلُ |
لكن الغالبية العظمى أذعنت للخليل، وسارت على طريقته ، وردت على منتقديه ؛ ومن هؤلاء : أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش، وصالح بن إسحاق الجرمي، وأبو عثمان المازني، ومحمد بن يزيد المبرد، وإبراهيم بن محمد الزجاج، وعبد الله بن جعفر بن دُرُستويه، واليمان بن أبي اليمان البندنيجي، ويونس بن محمد الوَفراوَندي، وغيرهم كثير ([26]) .
وربما وُجد في هؤلاء من جدَّد في هذا العلم أشياء، كمثل الناشئ الأكبر أبي العباس عبد الله بن محمد . قال ابن النديم: «وكان متبحرا في عدة علوم من جملتها علم المنطق، وكان بقوة علم الكلام قد نقض علل النحاة، وأدخل على قواعد العروض شُبَها ومثلها بغير أمثلة الخليل ؛ وكل ذلك بحذقه وقوة فطنته»([28]) .
* فمع أنه لا يُمنع نبوغ بعض من لم يدرس علم العروض في الشعر ؛ من أمثال : صدقة بن علي الرَّبعي؛ كان كيسا فظنا ذكيا جيد النظم، وكان يقول : «لا أحفظ لشاعر شيئا، ولم أقرأ العروض قط، وقلت الشعر وأنا ابن خمس عشرة سنة»([34]) . ذلك لأنه لا حاكم في صناعة الشعر إلا استقامة الطبع وسلامة الذوق، فالذوق إن كان فطريا سليقيا فذاك، وإلا احتيج في اكتسابه إلى طول خدمة هذا الفن، ولو نظم الشاعر بتقطيع الأفاعيل لجاء شعره متكلَّفا غير مرضي، وإنما أريد للشاعر معرفة العروض لأن الذوق قد ينبو، ولأن العهد بالعرب قد بعد ، ووجد ما يفسد الذوق، فيحتاج إلى معرفة مصطلح أهل العروض كالوتد والسبب والفاصلة والعروض والضرب، وأسماء البحور من الطويل والمديد والبسيط وأخواتها، وألقاب الزحاف كالخبن والخبل والقبض وغيرها، ليُدخلها تضاعيف كلامه عند احتياجه إليها، حتى يحفظ للشعر نكهته العربية، ويصونه عن اللوثة الأعجمية ([33]).
ومن لطائف ما يُذكر في هذا المقام : أن الوزير المعتمد بن عباد مدحه عبد الجليل بن وهبون المرسي بقصيدة فيها تسعون بيتا، فأجازه بتسعين دينارا، فيها دينار مقروض؛ فلم يعرف العلة في ذلك إلى أن تأملها، وإذا هو قد خرج من العروض الطويل في بيت إلى العروض الكامل ! ([30]) .
ولأجل ذلك اعتنى العلماء بالعروض شرحا وتصحيحا وتنقيحا، وكتبوا فيها الكتب ونظموا المتون العلمية . فمن أشهر المتون: «المقصد الجليل في علم الخليل»لأبى عمرو عثمان بن عمر المالكي المعروف بابن الحاجب، وعليها شروح عديدة، و«الأبيات الوافية في علم القافية» لأبي حيان محمد بن يوسف النحوي ، و«هداية الضليل إلى علم الخليل» للآثاري ([31]) . ومن الكتب : «الجوهر المنضد في علم الخليل بن أحمد» لعبد الوهاب بن أحمد الدمشقي ، و«عروق الذهب من أشعار العرب» لفضل بن إسماعيل الجرجاني، و«العروض البارع بالاختصار والجامع» لعلي بن جعفر ابن القطاع ([32]).
فرحم الله أئمة الإسلام الأعلام، وجزى الله أساطين العرب منهم على ما قدَّموه، فقد ظن الكثيرون غالطين أو مغالطين أن فضل العرب على العلم لا يكاد يُذكر، وذلك جهل مركب، وقلة دراية بتراجم القوم وأنسابهم؛ ذلك أن كثيرا منهم نزل بلاد العجم، وهو عربي صليبة .
قائمة المصادر والمراجع :
01- «أبجد العلوم» ، صديق بن حسن القنوجي. دار الكتب العلمية. بيروت . د-ط. 1978. تحقيق: عبد الجبار زكار .
02- «البداية والنهاية» ، إسماعيل بن عمر الدمشقي . مكتبة المعارف. بيروت. د-ط .د-ت.
03- «تاريخ بغداد» ، الخطيب البغدادي. دار الكتب العلمية. بيروت. د-ط .
04- «سير أعلام النبلاء» ، محمد بن أحمد الذهبي . مؤسسـة الرسالـة. سوريا. ط9. 1997. تحقيق : شعيب الأرناؤوط ومحمد العرقسوسي .
05- «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» ، عبد الحي بن أحمد الدمشقي . دار الكتب العلمية . بيروت . د-ط .د-ت.
06- «الفهرست»، محمد بن إسحق النديم. دار المعرفة. بيروت. ط1. 1978.
07- «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون» ، مصطفى بن عبد الله القسطنطيني. دار الكتب العلمية. بيروت. ط1. 1993. تحقيق : إبراهيم الزيبق .
08- «لسان العرب» ، محمد بن مكرم ابن منظور. دار صادر. بيروت. ط1. 1993. تحقيق : إبراهيم الزيبق .
09- «المزهر في علوم العربية وآدابها» ، عبد الرحمن بن محمد . دار القلم. بيروت ط5. تحقيق : محمود يوسف زايد .
10- «المنتظم» ، عبد الحمن بن علي ابن الجوزي . دار الكتب العلمية. بيروت. الطبعة الأولى. 1997. تحقيق : محمد ومصطفى عطا .
11- «وفيات الأعيان» ، أحمد بن محمد ابن خلكان . دار الثقافة. بيروت. ط1. 1967. تحقيق : إحسان عباس.
الإحالات :
([1]) راجع : «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك» (ج1ص10) ، ابن هشام .
([2]) راجع : «أبجد العلوم» (ج1ص291) ، القنوجي .
([3]) راجع : «الفهرست» (ج1ص63) ، ابن النديم ، «طبقات فحول الشعراء» (ج1ص22) . «سير أعلام النبلاء» (ج7ص429) ، الذهبي .
([4]) راجع : «البداية والنهاية» (ج10ص161) ، ابن كثير .
([5]) راجع : «المزهر في علوم العربية» (ج1ص64) ، السيوطي ، و«وفيات الأعيان» (ج2ص244)، ابن خلكان ، و«تهذيب التهذيب» (ج3ص141) ، ابن حجر .
([6]) راجع : «وفيات الأعيان» (ج2ص245) ، ابن خلكان .
([7]) راجع : «المزهر في علوم العربية» (ج2ص344) ، السيوطي .
([8]) راجع : راجع : «وفيات الأعيان» (ج2ص248)، ابن خلكان ، و«سير أعلام النبلاء» (ج7ص430) ، الذهبي .
([9]) راجع : «البداية والنهاية» (ج10ص161) ، ابن كثير . ([10]) راجع : «سير أعلام النبلاء» (ج7ص431) ، الذهبي .
([11]) «وفيات الأعيان» (ج2ص246) ، ابن خلكان .
([12]) راجع : «الفهرست» (ج1ص64)، ابن النديم ، و«وفيات الأعيان» (ج2ص246)، ابن خلكان.
([13]) راجع : «تاريخ بغداد» (ج12ص219) ، الخطيب البغدادي ، و«وفيات الأعيان» (ج3ص470) ، ابن خلكان . و«المنتظم» (ج12ص93) ، ابن الجوزي . و«سير أعلام النبلاء» (ج7ص430)، الذهبي . و«البداية والنهاية» (ج11ص19) ، ابن كثير . و«شذرات الذهب » (ج1ص121) ، ابن العماد الحنبلي .
([14]) راجع : «الغريب» (ج1ص587) ، ابن قتيبة ، و«لسان العرب» (ج7ص173) ابن منظور .«النهاية في غريب الحديث» (ج3ص214)، ابن الأثير، و«صبح الأعشى» (ج5ص55) ، القلقشندي.
([15]) راجع : «صبح الأعشى» (ج14ص242) ، القلقشندي .
([16]) راجع : «مختار الصحاح» (ص178) ، الجوهري .
([17]) راجع : «الفائق» (ج2ص57) ، الزمخشري . و«وفيات الأعيان» (ج2ص244) ، ابن خلكان . و«طبقات فحول الشعراء» (ج1ص22) ، ابن سلام . و«المزهر» (ج2ص344) ، السيوطي .
([18]) راجع : «المزهر» (ج1ص64) ، السيوطي .«وفيات الأعيان» (ج2ص245) ، ابن خلكان ، و«سير أعلام النبلاء» (ج7ص430) الذهبي .
([19]) راجع : «وفيات الأعيان» (ج2ص245)، ابن خلكان . «سير أعلام النبلاء» (ج7ص431)، الذهبي .
([20]) راجع : «المزهر» (ج2ص399) ، السيوطي . «وفيات الأعيان» (ج2ص244) ، ابن خلكان.
([21]) «المزهر» (ج1ص64) ، السيوطي .
([22]) راجع : «أوزان الشعر» (ص17) ، مصطفى حركات .
([23]) راجع : «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» (ج3ص168) ، القلقشندي .
([24]) راجع : «وفيات الأعيان» (ج2ص247) ، ابن خلكان .
([25]) راجع : «تاريخ بغداد» (ج14ص146) ، الخطيب البغدادي.
([26]) راجع : «الفهرست» (ج1ص77،84،87،90،93،122،128) ، ابن النديم . «تاريخ بغداد» (ج7ص93) ، الخطيب البغدادي .
([27]) راجع : «الفهرست» (ج1ص102،107،109،206) ، ابن النديم . و«وفيات الأعيان» (ج3ص376) ، ابن خلكان .
([28]) راجع : «وفيات الأعيان» (ج3ص91) ، ابن خلكان .
([29]) راجع : «تاريخ بغداد» (ج8ص436) ، الخطيب البغدادي .
([30]) راجع : «معجم السفر» (ج1ص29) .
([31]) راجع : «كشف الظنون» (ج1ص830؛ج2ص1134) ، مصطفى القسطنطيني .
([32]) راجع : المصدر المتقدم .
([33]) راجع : «المثل السائر» (ج1ص47) ، ابن الأثير . «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» (ج1ص345) ، القلقشندي .
([34]) راجع : «معجم السفر» (ج1ص121) .
التدقيق اللغوي: لجين قطب.
قضية الأدب الإسلامي هي ليست كغيرها من القضايا، إنها قضية النفس الإنسانية في توقها للحرية والانعتاق والجمال والحب والفرح، وقضية اللغة التي تسعى إلى تشكيل العالم على وفق منظومة الحكمة الإلهية، وقضية الجمال الذي يعد احد طرق الوصول إلى الله تعالى ومعرفته، وهي قضية القيمة التي تحدد الوزن النوعي لوجود الأشياء في الكون، وقضية المعيار الذي توزن به معطيات الجمال، وكذلك هي قضية الحقيقة في شكلها المطلق؛ وشكلها النسبي.
إن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي يستبطن جملة من المبادئ الأساسية التي تشكل جوهر الإسلام؛ والتي تكوّن الإطار الجمالي للنص ونسيجه كذلك.
ما أرانا نقول إلا مُعَارا *** أو مُعَادا من لفظنا مَكْرُورا
(زهير بن أبي سُلمى)
بين التنَاص والتلاص مزالق كثيرة.وإن كنتم تتساءلون عن معنى التناص، فمثالٌ عليه الجملة الأولى في هذه المقالة، ففيها تناص مع المثل القائل "بين الشفة والكأس مزالق كثيرة". فالتناص نوع من أنواع إعادة الاستعمال غير المباشرة، هو اقتباس لروح الفكرة، وإعادة صياغته في سياق آخر قد يكون مختلفا تماما. وأعلم أن هذه المصطلحات النقدية ثقيلة على القلب وعلى العقل، لكن "لا بد مما ليس منه بد". مهلا، هل وضعت لتوّي عبارة "لا بد مما ليس منه بد" بين علامتي تنصيص؟ أجل، هذا اقتباس مباشر، أو استشهاد. وبين العوالم الثلاثة (عالم الاقتباس المباشر، وعالم التناص، وعالم التلاص)، مزالق، ودروب لحِجَة، وعراكات نقدية كثيرة!
تُرى.. هَل حَدثتُكُم يومًا عَنْ حَبيبَتي ليلى؟ هَل أخبَرتُكُم عَنْ تِلكَ التي لَمْ تَكُنْ وَلَنْ تَكون؟ عَنْ التي تَستَبيحُ أدقَّ أسراري بِخَفق الرُموشِ السومَريّة؟ عَنْ التي أقامَتْ عَلى مَشارِفِ أشعاري محاكِمَ تَفتيشِها وَوَزَّعَتْ جَواسيسَها عِندَ مَداخِلِ أورِدَتي وَمَخارِجِ شَراييني؟ هَل عَلِمتْ أني استَقَلتُ بَعدَها مِنْ خَطيئَةِ الشِعرِ وامتَهَنتُ التَسَكُّعَ بينَ مَقاهي الذِكريات؟ عَن التي تَحتَجِبُ عَنّي كُلَّ ذاتِ ظَهيرةٍ حَتّى هُطولِ المَساءِ الكَئيب، وأنا المُتسَمّرُ على مَصاطِبِ القَصاصِ كَصَبيّ مُشاكِس، أتجَرَّعُ خُمورَ الغيابِ الطَويل.
حينما كان الشعر ديوان العرب، كانت العرب تقول "أعذَبُه أكذبه". وحينما صارت الرواية ديوان العرب وديدنهم، صار "أعذبه أوقعه"!
1- هذا الأديب برعاية ...!
للأمانة، من الصعب أن نفصل عن الكذب المباح؛ فهناك عقد ضمني بين الأديب والقارئ/السامع بأن ما يرد من أحداث هو خيال كامل أو جزئي، وبأن هذه التراكيب لا تصح فعلا، إنما في أسلوب أدبي. بل لربما من الصعب فصل اللغة عن الكذب، فالمجاز يحتل قسما لا بأس به من اللغة، وهو –عمليا- نوع من الكذب. لكن الناس تواضعوا على قبوله. ومن قالوا أن أعذب الشعر أكذبه. وليس عن كل هذا أتكلم اليوم، بل أتكلم عن نوع آخر من الكذب، فقد بالغ بعض (أو حتى كثير من) العرب في التجوز في الكذب، فخرجوا عن الكذب الأسلوبي والكذب في الأحداث إلى التزلف وإلى استخدام الشعر مثلا كأداة إعلامية "بروباغاندا" لكياناتهم الاجتماعية في الجاهلية، وإلى وسيلة للمدح الارتزاقي كثير بعض الحقب.
تطرأ على الأصواتُ جُملةٍ من التغيُّرات ؛ بعضُها يتعرَّض له جميعُ الأصوات كالإدغام والإبدال والقَلبُ المكاني والحذف، وتغيُّراتٌ أخرى تختص بصوامتَ دون سِواها كتلك التي تصيب الهمزة والتاءات والراءات واللامات والنون الساكنة ([1]) . ولعلَّ أهمَّ التغيرات الصوتية المتصلة بالضاد ظاهرتان اثنتان هما : الإدغام والإبدال ويرجعُ ذلك أساسًا إلى نسبة الاستعمال (الشيوع) المُتدنِّية لهذا الصوت، والتي تبلغ الستة من كل ألف.
الإدغام :
تعريفه : هو أن تصل حرفًا بحرف مثله، من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقف؛ فيَنبُو اللِّسان عنهما نَبوةً واحدة ([2]). ويكون الإدغام إذا تقارب الحرفان مخرجًا، وتحقَّقت المُجاورة بينهما بأن سُكِّن أولهما أو جاز إسكانه ؛ فينتُجُ عن ذلك صوتٌ مُضعَّفٌ ([3]) (مشدَّدٌ).
سببه وفائدته : الإدغام كغيره من الظَّواهر التي تَنشَأُ بتجاور الأصوات يهدِفُ إلى تحقيق أمرين ؛ الأول : السُّهولة في النطق عن طريق التَّقريب بين صفات الأصوات المتجاورة، والآخر: الاقتصاد في المجهود عن طريق اختصار حركات أعضاء النطق. فالمتكلِّمُ يَلجَأُ إلى الإدغام فِرارًا من الثِّقَل النَّاتج عن عَودة اللسان إلى المخرج نفسه أو مُقاربه؛ ففي النُّطق بالمتَّفِقَين أو المُتقارِبَين مخرجًا من الأصوات من المشقَّة - عند النحويِّين - ما يُضاهي مَشي المُقَيَّد يرفع رِجلا ثم يعيدها إلى موضعها وشبَّهُوه بإعادة الحديث مَرَّتَين ([4]) ، وذلك ثقيلٌ على المتكلِّم والسَّامع جميعًا .
وفيما يتعلَّق بصوت الضاد؛ فإمَّا أنْ تُدغَم هي في ما بعدها ، وإمَّا أنْ يُدغَم فيها ما قبلها، وسأبحث الحالتين معًا .
1- ما يُدغَم في الضاد :
أ- لام المعرفة : تُدغم في ثلاثة عشر حرفاً هي: «النون، والراء، والدال، والتاء والصاد، الطاء، والزاي، والسين، والظاء، والثاء، والذال. واللذان خالطاها: الضاد والشين» ([5]) . لكن لما كانت الأحرف التسعة الأولى كلها من أحرف طرف اللسان كان إدغام اللام فيها واجبًا، وهو «مع الضاد والشين أضعف؛ لأن الضاد مخرجها من أول حافة اللسان والشين من وسطه. ولكنه يجوز إدغام اللام فيهما، لما ذكرت لك من اتصال مخرجهما» ([6]) . فهذا التَّقارب المخرجي، إضافةً إلى كثرة دورِ لام التَّعريف في الكلام، حيث «تدخل في سائر الأسماء سوى أسماء الأعلام والأسماء غير المُتمكِّنة» ([7]) ، أجاز إدغام لام المعرفة في الضاد .
ب- لام (هل) و(بل) ونحوهما : يقول العُكبري – شارحًا كلام سيبويه - ([8]): «وقد أدغموها في التّاء والثّاء والرّاء والزّاي والشّين والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء والنّون، إلاّ أنّ إدغامها في الرّاء حسنٌ ، وفيما عداها ضعيفٌ؛ وذلك نحو (هل ترى) (هل ثُوِّب) (وهل رأيت)، وكذلك الباقي» ([9]) . وإنما ضعُف الإدغام هنا كما ضعُف في سابقه، للبُعد النِّسبي بين مخارج تلك الأصوات -ومنها الضاد- ومخرج اللام، مُقارنةً بالرَّاء .
ج- الطاء والتاء والدال : قد تُدغَمُ : «في الضاد؛ لأنها اتصلت بمخرج اللام وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصول ما اللام فوقه من الأسنان، ولم تقع من الثنية موضع الطاء لانحرافها، لأنك تضع للطاء لسانك بين الثنيتين، وهي مع ذا مطبقة، فلما قاربت الطَّاءَ» ([10]) الضادُ فيما ذُكِر أُدغمت فيها، وأُلحِقَت بها أختاها التاء والدال، كما أُدغِمَت فيها السين والزاي إلحاقا لهما بالصاد ([11]) ، ويُمثِّلُ سيبويه لإدغام الطاء والتاء في الضاد بقوله : «وذلك قولك: اضبِضَّرَمه، وانعَضَّرَمة. وسمعنا من يُوثَق بعربيَّته قال : ................................... ثَار فَـضَـجــضَّــجــةً رَكائِـــبُـــــهْ فأدغم التاء في الضاد» ([12]) ، أي: تاء (ضجَّت) في ضاد (ضجَّة) لمخالطة الضاد التاء باستطالتها، وإن كانت من حافة طرف اللسان .
د- الظاء والذال والثاء : فهذه الأصوات الثلاثة «لأنهن من حروف طرف اللِّسان والثَّنايا، يُدغمن في الطاء وأخواتها، ويُدغمن أيضاً جميعاً في الصاد والسين والزاي، وهُنَّ من حيزٍ واحد، وهُنَّ بَعدُ في الإطباق والرخاوة كالضاد، فصارت بمنزلة حروف الثنايا. وذلك: احفَضَّرَمة ، وخُضَّرَمة ، وابعَضَّرَمة» ([13]) . فأُدغِمَت في ضاد (ضَرَمَة) ([14]) : الظاء من (احفظ)، والذال من (خذ)، والثاء من (ابعث) .
2 - ما لا يُدغَم في الضاد :
أ- الصاد والسين والزاي : ويُمنَع إدغام هذه الأصوات الثلاثة في الضاد الاستطالة الكائنة فيها؛ يقول سيبويه : «ولا تُدغَمُ الصَّادُ وأختاها فيها ، لما ذكرت لك ([15]) ؛ فكُلُّ واحدةٍ منهما لها حاجزٌ، ويكرهون أن يدغموها، يعني الضاد، فيما أُدغِم فيها من هذه الحروف، كما كرِهُوا الشين. والبيان عربيٌ جيد؛ لبُعد الموضعين فهو فيه أقوى منه فيما مضى من حروف الثنايا» ([16]) ؛ أي : أنَّ تباعُدَ المخرَجَين يجعل ترك الإدغام في هذا الموضع هو الأفصح.
3- ما تُدغم فيه الضاد : عَدَّ ابن جني الضاد في خمسة أحرف «يُدغَم فيهن ما قاربهن، ولا يُدغمن هن فيما قاربهن؛ وهي الرَّاء والشِّين والضاد والفاء والميم. ويجمَعُها في اللَّفظ : (ضُمَّ شَفرٌ)» ([17]) . لكنَّ تصرُّف النُّحاةِ، وعلى رأسهم سيبويه، يَقضي بأنَّ ما يُدغَمُ في الضَّاد على مراتب ؛ منه الجائز ، ومنه المكروه ، ومنه الممنوع . ولعلَّ قلَّةَ وُرود النَّوعَين الأوَّلين دفع بابن جني إلى رَدِّه والحُكم بشُذُوذه .
أ- الظاء والذال والثاء ؛ أما الثاء ؛ فنحوُ : بعض ثَمَرِه (بعثَّمَرِه) . وأما الذال فقدروي ذلك في قوله تعالى (الأرضَ ذَلُولاً) ([18]) (الأرذَّلولاً) عن أبي عمرو. وأما الظاء؛ ففي نحو:احفظ ضابطاً (احفَضَّابِطًا) ([19]) . ولم تجتمع الضاد مع الظاء إلا نادِرًا جدًّا؛ فعن شَمِر قال: لَيْسَ في كَلامِ العَرَبِ ضادٌ مع ظاءٍ غير الحُضَظِ، وهو دَواءٌ يُتَّخَذُ مِنْ أَبْوَالِ الإِبِلِ ([20]) ، واستدلَّ بقول الشاعر : أَرْقَشَ ظَمْآنَ إِذا عُصْرَ لَفَظْ أَمَرَّ من صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَظْ ب- الشين ؛ من أمثلته في القرآن الكريم قراءة أبي عمرو الداني لقوله تعالى (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) ([21]) (لبعشَّأنهم) ، يقول ابن عادل الدمشقي : «وأدغمها أبو عمرو فيها ، لما بينهما من التَّقارب ، لأن الضاد من أقصَى حافة اللسان والشين من وسطه . وقد استضعف جماعةٌ من النحويين هذه الرواية، واستبعدوها عن أبي عمرو - رأس الصناعة - من حيث إن الضادَ أقوى من الشين ، ولا يدغم الأقوى في الأضعف وأساء الزمخشري على راويها السوسيّ . وقد أجاب الناس عنه ، فقيل : وجه الإدغام أنَّ الشِّينَ أشدُّ استطالةً من الضَّاد ، وفيها تَفَشِّي ليس في الضاد ، فقد صارت الضاد أَنْقَصَ منها ، وإدغام الأنقص في الأزْيَدِ جائز . قال : ويُؤَيّد هذا أن سيبويه حكى عن بعض العرب " اطَّجَع " في " اضْطَجع " ، وإذا جاز إدغامها في الطاء، فإدغامها في الشِّين أَولى» ([22]) . لما فيها من التفشي الذي يُشبِهُ الاستطالة ، فتقرُبُ بذلك من الضَّاد .
4- ما لا تُدغم فيه الضاد :
أ- الصَّاد والسين والزاي : فهذه الثلاثة مخرجها مما بين طرف اللسان وفُوَيق الثَّنايا، يقول سيبويه : «ولا تُدغم في الصاد والسين والزاي لاستطالتها، يعني الضاد؛ كما امتنعت الشين» ([23]) ؛ فمَنَعت الاستطالة إدغام الضاد في هذه الثلاثة، كما مَنَعَتها هي أن تُدغم فيها.
الإبدال :
تعريفه : هو إحلال حرفٍ مكان آخر، أو حركةٍ بدل أخرى، مع الإبقاء على سائر حروف الكلمة بترتيبها ، وحركاتها، ودلالة اللفظ دون تغيير؛ مُطَّرِدًا في كلام العرب كان الإبدال أو غير مُطَّرِد. ويُعرف الأصل من الفرع في الإبدال بأنَّ الآخِر أخفَّ من الأوَّل، وأنه يحقِّق من التَّجانُس ما لا يُحقِّقُه الأوَّل ([24]) . ومن المنطقي أن توجدَ بين الصوتين المُبدَلَين علاقة صوتيَّةٌ، إمَّا ضعيفة وإما قويَّة. ويميل بعض الباحثين من القُدامى والمُحدَثين إلى تخصيص (الإبدال) بالإحلال الذي يتقاربُ فيه الصوتان مخرجًا أو صفةً، أو مخرجًا وَصفةً. فأما الذي يكون بين صوتين مُتباعدين ؛ فيُسمُّونه (تعاقُبًا) و(مُعاقبةً) ([25]) . ويُعَدُّ الاختلاف بين اللَّهجات والتَّطوُّر الصَّوتي لبعض الأصوات العربية، إضافةً إلى قوانين التماثل والاختلاف الصوتيين؛ أهمَّ روافد هذه الظاهرة الصوتية.
أنواعه : الإبدالُ قِسْمان :
أ/الإبْدال الشائع : اختُلِف في عدد حروفه؛ فقيل: ثمانيةُ أحرُفٍ تجمعها عبارة (طويت دائماً) ، وقيل : تسعةٌ مجموعةٌ في قولك : (هَدأْتَ مُوطِياً) ، وقيل : أحد عشر حرفًا، بزيادة الجيم والنون، مجموعةٌ في : (وَجَد آمِنٌ طِيَّتة) ([26]) . وأكثر الصرفيين يجعلها اثني عشر حرفاً بزيادة اللام، ويجمعها في قولهم: (طال يوم اتخذته) ([27]) .
ب/الإبدال النادر : يكون في سَبْعَة أحْرُفٍ، مَجْمُوعَةٍ في أوائل قَوْلِكَ : (قَدْ خَابَ ذُو ظُلْمٍ ضَاعَ حِلْمُه غَيَّاً) ؛ أي : القاف، والخاء، والحاء، والغين، والذال، والظاء والضاد ([28]) . فصوت الضاد إذن يندُر إبداله في الكلم العربي، وقد وقفت عليه مُبدَلاً من سبعة أصوات هي : الظاء، الذال، اللام، الدال، الزاي، الصاد، الياء.
1- إبدال الضاد ظاء : روى ابن خَلِّكان «أنَّ ابن الأعرابي (ت231 هـ) كان يقول : جائزٌ في كلام العرب أن يُعاقِبُوا بين الضَّاد والظَّاء ، فلا يُخطَّأُ من يجعل هذه في موضع هذه . ويُنشِدُ : إلى الله أشكو من خليل أوَدُّه ثلاثَ خِلال كلها لي غائض بالضاد (بَدَل غائظ) ، ويقول : هكذا سمعته من فُصحَاءِ العرب» ([29]) . وينفي ابن جني أن يكون ذلك من باب المعاقبة ؛ ويُجيب عن هذا البيت بقوله: «ويجوز عندي أن يكون غائض غير بدل ، ولكنه من غاضه : أي أنقصه ، فيكون معناه : أي ينقصُني ويتهَضَّمني» ([30]) ، وهذا التَّأويل من ابن جني جاء بِناءً على الأصل الذي أصَّلَه، كما سيأتي . ويُؤَيِّد ما ذكره ابن الأعرابي ما حَكَاهُ الْفَرَّاء عَنْ الْمُفَضَّل الضَّبي (ت168هـ) قال: «من العرب مَن يُبدِل الظاء ضاداً، ويقول: قد اشتكى ضَهْرِي، ومنهم من يُبدل الضَّاد ظَاءً، فيقول : قد عَظَّتِ الحربُ بني تميم» ([31]) . ومما وقع فيه الإبدال أيضًا الحَضَل والحَظَل ؛ وهو : فَسادٌ يَلحَق أُصول سَعَف النَّخل ([32]) . فإبدال الضاد ظاءً حيثما وقعت لُغَةٌ لبعض العرب، لا يُمكن إنكارُها .
2- إبدال الضاد صادًا : يُقال : (مَضمَض لِسانه) و(مَصمَصَهُ) إذا حرَّكَه ويرفض ابن جني هنا أيضا أن تكون الصاد بدلاً من الصاد ؛ ويُعَلِّلُ رفضه بقوله: «ليست الصاد أخت الضاد فتُبدلَ منها. وأخبرني أبو علي يرفعه إلى الأصمعي قال : حدثنا عيسى بن عمر قال : سألت ذا الرِّمَّةِ عن النضناض، فأخرج لسانه فحرَّكَه وأنشد : تبيت الحية النضناض منه مـكـان الـحـب يسـتمـع السرارا([33]) وعلى فرَض التّسليم لابن جني بانتفاء الإبدال هنا؛ فما جوابه عن قولهم : «فلانٌ ما ينوض بحاجةٍ وما يقدر أن ينوص، أي يتحرك ومنه قوله عز وجل (ولات حين مناصٍ) ([34]) ومناصٌ ومناضٌ واحد. ويقال: أنقاض وأنقاص بمعنى واحد. وقال اللحياني: يقال: تصافوا على الماء وتضافوا. ويقال : صلاصل الماء وضلاضله لبقاياه. وقبضت قبضة وقبصت قبصة. وقال الأصمعي: جاص وجاض أي عدل. وقال اللحياني: يقال إنه لصلّ أصلال وضلّ أضلال. قال: ويقال ضُلّ أضلال. قال أبو بكر بن دريد: يقال للرجل إذا كان داهيةً إنه لصلّ أصلال» ([35]) . فهذه الكلمات وغيرها كُلَّها شاهدةٌ بإبدال الضاد صادًا .
3- إبدال الضاد ذالا : ومن أمثلته النّادرة: نَبَض العرق ينبِض ، ونَبَذَ يَنبُذُ : إذا ضرب ([36]) ، والحُضُذُ والحُضُضُ؛ دَوَاءٌ يُتَّخَذ من أَبوالِ الإِبل ([37]) . وفي بعض اللهجات البدوية التي ما تزال مُتداوَلةً إلى يومنا هذا ، يقع العكس، فيُبدلون الذال ضادًا يقولون : في (يذكرُه) يضجُره ، وفي (ذُخر) ضُخر، وفي (ذِراع) ضِراع ([38]) . وإنما يلجؤون إلى هذا النوع من الإبدال طلبًا للتَّفخيم .
4- إبدال الضاد لاما : من أمثلته : تقيَّض فلان أباه وتقيَّله تقيُّضاً وتقيُّلا : إذا نزع إليه في الشَّبَه ([39]) . و(الْطَجَعْ) في قول الراجز : ................................... مال إلى أرطاةِ حِقْف فالْطَجَعْ قال ابن جني : «فأبدَلَ لام الْطَجَعْ من الضاد، وأقرَّ الطاء بحالها مع اللام ليكون ذلك دليلا على أنها بدل من الضاد» ([40]) . وعلَّل المازني هذا الإبدال بقوله : «إِن بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مُطبَقَين؛ فيقول : الْطجع، ويُبدِل مكان الضاد أَقرب الحروف إِليها وهو اللام. وهو نادرٌ» ([41]) . فالعلة هنا هي : المخالفة . وقد يقع العكس؛ فتُبدَل اللام ضادا ؛ كما وقع في (الْطِرادٌ) و(اضْطِرادٌ). قال ابن منظور : «وهو افْتِعالٌ من طِرادِ الخيل وهو عَدْوُها وتتابعها فقلبت تاء الافتعال طاء ثم قلبت الطاء الأَصلية ضاداً» ([42]) . ومثله في قول بعضهم : التقطت النَّوى واشتقطته واضتقطته، ويشرح ابن جني هذا الإبدال بقوله : «فقد يجوز أن تكون الضاد بدلا من الشين في اشتقطته، نعم، ويجوز أن تكون بدلا من اللام في التقطته فيُترك إبدال التاء طاء مع الضاد، ليكون ذلك إيذانا بأنها بدل من اللام أو الشين فتصِحُّ التاء مع الضاد، كما صحَّت مع ما الضاد بَدلٌ منه» ([43]) . وكلامُ ابنِ جِنِّيٍّ هنا مُخالِفٌ لما كان قرَّره قديماً في (سرّ صناعة الإعراب) – الذي جاء تأليفُه لكتاب (الخصائص) بعده، كما صرَّح بذلك هو نفسُه ([44]) - : من أنَّ الضاد : «يكون أصلاً لا بدلاً ولا زائدًا» ([45]) ، وما عارض هذا الأصل، يكون مُؤَوَّلاً. فيبدو أنَّه مع غوصه عميقا في خبايا العربية، أقَرَّ بوقوع الإبدال في الضاد .
5- إبدال الضَّاد دالاً : وهو نادرٌ ، ومن أمثلته لفظة(الحُضُضُ) التي تُنطَق بالضاد وبالدَّال (الحُضُدُ) ([46]) . ولنُدرته أَهمله الجوهريُّ .
6- إبدال الضاد زايا : ومن أمثلته : (أنا على أوفاز) و(على أوفاض)؛ أي : على عجلة ([47]) . 7- إبدال الضاد ياء : كما في قول العَجَّاج يَمدح عمر بن عبيد الله القرشي : تَقَضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ ....................................... قال ابن جني : «هو تفعُّلٌ من الانقضاض وأصله : (تقضُّض) ([48]) . ثم أحاله ما عَرَض من استثقال تكريره إلى لفظ (ق ض ى)»([49]) .فالباعث على الإبدال في هذا المقام هو الاستثقال .
الإحالات :
([1]) انظر : النيرباني، عبد البديع، الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات، دار الغوثاني للدراسات القرآنية، سورية، ط1، 2006. ص101.
([2]) ابن الأنباري، عبد الرحمن بن محمد، أسرار العربية. ص358.
([3]) انظر : النيرباني، عبد البديع، الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات.ص102.
([4]) انظر : العباسي، عبد الرحيم بن أحمد، معاهد التنصيص على شواهد التلخيص، تح: محمد محيي الدين عبد الحميد، عالم الكتب، لبنان، 1947. ج1ص35.
([5]) سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص457.
([6]) المصدر نفسه.
([7]) ابن الأنباري، عبد الرحمن بن محمد، أسرار العربية. ص363.
([8]) انظر : سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص457.
([9])العكبـري، عبد الله بن الحسين، اللباب علل البناء والإعراب، تح: غازي مختار طليمات دار الفكر، سورية، ط1، 1995. ج2ص476.
([10]) سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص457.
([11]) المصدر نفسه.
([12]) نفسه.
([13]) سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب.ج4ص457.
([14]) وهي: السعفة أو الشيحة في طرفها نار . انظر : الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تح: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، لبنان، ط4، 1987. ج5ص1971. ([15]) أي : لعلة الاستطالة .
([16]) سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص457.
([17]) ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب. ج 1ص214.
([18]) سورة الملك: الآية 15 .
([19])العكبري، عبد الله بن الحسين، اللباب علل البناء والإعراب. ج2ص478.
([20]) المرتضى الزَّبيدي، محمّد بن محمّد، تاج العروس من جواهر القاموس، تح: مجموعة من المحققين، دار الهداية، مصر، د.ت. ج20ص214.
([21]) سورة النور: الآية 62 .
([22]) ابن عادل، عمر بن علي، اللباب في علوم الكتاب ، تح : عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض . دار الكتب العلمية ، لبنان ، 1998 . ج 14ص464 .
([23]) سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص457.
([24]) انظر : النيرباني، عبد البديع، الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات .ص129 .
([25]) انظر : محمد بن السيد حسن، الراموز على الصحاح، تح: محمد علي عبد الكريم الرديني دار أسامة سورية، ط2، 1986. ص17.
([26]) انظر : ابن مالك، محمد بن عبد الله، إيجاز التعريف في علم التصريف. تح: محمد المهدي عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، السعودية، ط1، 2002. ص178.
([27]) انظر : النحوي أبو حيان، محمد بن يوسف،ارتشاف الضرب من لسان العرب. ج1ص255.
([28]) انظر : المرادي، حسن بن قاسم، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، تح: عبد الرحمن علي سليمان، دار الفكر العربي، ط1، 2008. ج3ص1562.
([29]) ابن خلكان،أحمد بن محمد، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تح: إحسان عباس، دار صادر، لبنان، ط1، 1971. ج4ص307. ([30]) ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب. ج1ص215.
([31]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب.ج4 ص68.
([32]) انظر : اللغوي أبو الطيب، عبد الواحد بن علي، كتاب الإبدال، تح: عز الدين التنوخي مجمع اللغة العربية، سورية، 1961. ج2ص270.
([33]) ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب.ج1ص213.
([34]) سورة ص: الآية 3.
([35]) انظر : القالي، إسماعيل بن القاسم، الأمالي في لغة العرب، دار الكتب العلمية، لبنان، د.ط 1978. ج2ص25.
([36]) اللغوي أبو الطيب، عبد الواحد بن علي، كتاب الإبدال. ج2ص216.
([37]) المرتضى الزَّبيدي، محمّد بن محمّد، تاج العروس من جواهر القاموس. ج9ص396.
([38]) عبد القادر عبد الجليل، الدلالة الصوتية والصرفية في لهجة الإقليم الشمالي لمدينة البصرة دار صفاء، الأردن. ط1، 1997. ص39.
([39]) انظر : اللغوي أبو الطيب، عبد الواحد بن علي، كتاب الإبدال. ج2ص277.
([40]) ابن جني، عثمان، الخصائص، تح: محمد علي النجار، عالم الكتب، لبنان، د.ت. ج2 ص350.
([41]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب. ج8ص218.
([42]) المصدر نفسه.
([43]) ابن جني، عثمان، الخصائص. ج2ص349.
([44]) المصدر نفسه . ج3ص95.
([45])نفسه.ج1ص213.
([46]) المرتضى الزَّبيدي، محمّد بن محمّد، تاج العروس من جواهر القاموس. ج8ص31.
([47]) انظر : اللغوي أبو الطيب، عبد الواحد بن علي، كتاب الإبدال. ج2ص138.
([48]) ابن جني، عثمان، الخصائص. ج 2ص90. ([49]) ابن جني، عثمان، سر صناعة الإعراب. ج2ص759.
الصفحة 10 من 45