"همسات الصدى" هو الديوان السادس للشاعر يس الفيل الذي يمتد عطاؤه لأكثر من أربعة عقود حافلة بالعطاء والإبداع المتطور. تجاوز فيه الشاعر المسافات، وشقَّ طريقه بثبات ووضوح. ورسَّخ أقدامه بوعي واقتدار. لم تأخذه المهاترات، ولم تشغله ايديولجيا الأدب. وكان نتيجة هذا جوائز تقديرية وتشجيعية من مصر وخارجها.
يس الفيل شاعر فطري بأسلوبه ومضامينه. يمد جسور النقاء والحب إليك..تعايشه في قصائده وكأن عالم الطفولة البريئة بينكما. يوطد التواصل مع المتلقي، ولا يتجاهله أو يتهمه بالقصور..إذا عرفنا أن الديوان ضمَّ ثلاثاً وأربعين قصيدة مؤرخة بين عام سبعة وستين وتسعمئة وألف وعام سبعة وتسعين وتسعمئة وألف. وقد صدر عام ألف وتسعمئة وتسعة وتسعين ندرك مدى تجربته الطويلة، وندرك مدى حرصه في الحكم على تجربته. فحرص على وضعها في مجموعة واحدة..وقد غلب الشكل العمودي على هذه القصائد، ولكنه شكل مشع بوهج الأصالة. وعابقٌ بعبير المضامين السامية، وقد أتت لتزيح عن أعيننا غشاوات من اليأس والرضوخ للواقع..وقال"أحمد محمود مبارك" على غلافه:"نحن بصدد ديوان شعري، يدلل به الشاعر على أن الشعر العمودي الأصيل قادر على التعبير الفني السامق عن شتى التجارب الشعورية ومختلف الانفعالات..ما دمنا بصدد شاعر مبدع صادق الموهبة.."
إنَّ قراءة سريعة لنماذج سريعة من الشعر المهجري الذي بسط جناحه و حلَّق في القارتين الأمريكيتين ، فعلا شأنه في المنتديات الأدبية و كان سفيرَ الحرف العربي الذي كرَّمه الله بأبلغ بيان ألا و هو القرآن الكريم . هذا الحرف الذي يحمل الكثير من الآلام و الآمال لتعطينا صورة جليَّة عن طبيعته و خصائصه . فالقصيدة المهجرية خيرُ من يرسم و يصف معاناة المغترب العربي بصدق و أمانة . فالشعر المهجري شريط طويل يسردُ لنا قصة الألم و الحزن و اليأس و الصراع . شريط ينقل لنا الصورة الحقيقية للشاعر المهجري الذي واجهته الكثير من المصاعب بعد انتقاله من مجتمع روحانيّ شفاف تفوحُ منه رائحة الرسالات السماوية بعطرها و صفائها إلى مجتمع استعبدته المادة أو هدَّت من كيانه الآلة ، فأصبح الإنسان فيها مجرَّدَ رقم من الأرقام المجردة .
ورقة قدمتها الكاتبة حياة الياقوت في الحلقة النقاشية التي عقدتها مجلة الوعي الإسلامي، الاثنين 24 ذو القعدة 1431 الموافق 1 نوفمبر 2010 حول "أسباب العزوف عن النقد والأدب"، بمشاركة كل من: د. محمد إقبال عروي، والشيخ طلال العامر، والكاتب أمين حميد عبد الجبار، والكاتبة حياة الياقوت.
بداية، جئت هنا محمّلة بكثير من التحايا، وواجب عليّ إيصالها:
- النبطي، والملحون، والزجل يحييونكم جميعا. ويخبرونكم أنهم في خير خير حال.
- أما "روايات عبير"، و"روايات أحلام"، وبقية القصص الرومانسية للجيب، والروايات المعربة-المهرّبة فتقرئكم وافر السلام وتقول لكم بالمناسبة "الكمية محدودة، احجز نسختك الآن".
الأدب يا قوم في صحة وعافية وبحبوحة، حتى أن وزنه ازداد مؤخرا بضعة كيلوغرامات! :)
هذه كانت مقدمة واجبة، لنعرف أن المعضلة ليست معضلة أدب، بقدر ما هي معضلة يواجهها صنف معين من الأدب. مصائب ومصاعب الأدب الفصيح، الأدب "الملتزم" –على العمومية المزعجة لهذه الكلمة- هذه المصائب ينظر لها فرع آخر من الأدب باستغراب وهو يرفل بثياب الصحة ويحمل صولجان المجد.
* * * * *
في حياة الشاعر الراحل عمر بهاء الدين الأميري محطّات وعلاقات بالغة الأهمية، تمتدّ على امتداد عمره الذي أمضاه متنقلاً بين المشارق والمغارب مغترباً عن وطنه، ممعناً في التماهي بقضايا أمته ودينه.
ولقد كان من أبرز الذين التقاهم الأميري في مقتبل حياته، وهو يزور دولة "باكستان" أول مرة أواخر الأربعينيّات، الشاعر والسياسي والزّعيم اليمني محمد محمود الزّبيري، الذي كان قد غادر بلده إثر فشل الثورة على حكم الأئمة، وسقوط حكم الدستوريين، ولم يجد سوى الباكستان مكاناً يتوارى فيه، فحضر إليها سنة 1948 م.، وكان لقاء الأميري به أول مرّة على هامش الاجتماع الأول لمؤتمر للعالم الإسلامي الذي انعقد في كراتشي عام 1949 م.، وكان الزّبيري وقتذاك يعيش حياة قاسية، ويسكن ـ كما روى الأميري ـ "عشة دجاج على سطح بيت تاجر بحريني في كراتشي، ويقتات بفضلات الخبز التي تفيض من الفنادق وتباع طعاماً للطيور والحيوانات"! ولقد جهد الأميري فور أن تعرّف عليه فأقنع إدارة المؤتمر باعتماد الزّبيري ممثلاً لليمن فيه، وشاركه الغرفة التي خصصت له، وتوثقت العلاقة بينهما، فلما عاد إليها سفيراً ازدادت الصلة، وتوثقت أواصر المحبّة بينهما[1]؛ يقول الأميري: "عرفته في باكستان وعرفت منه ما لم أجده قط عند سواه، من طهر وعفّة وأبوّة وبساطة عيش ورضا نفس بالكفاف، وبذل سخيّ في مجالات الخير والجهاد..[2]"؛ ويضيف في حديث آخر: "لما التقينا كانت الدقائق الأولى كافية لأن تمحو معنى الزمن بيننا، وأن توطّد أخوّتنا في الله من الأعماق التي بدأ فيها تلاقينا الفكري والإيماني والجهادي.. وكان الودّ والانسجام والتلاؤم في كثير من الأذواق والأشواق والآفاق يتأكد ويتوطد بيننا تلقائياً خلال ذلك دون أن نشعر.. وكأننا نشأنا معاً منذ نعومة الأظفار، أو كأنّ عمر هذه الصلة بيننا عمر الآلام والآمال في حياة أمتنا وعقيدتنا ورسالتنا.. فكانت أيام وجودي في باكستان لحضور الدورة الأولى لمؤتمر العالم الإسلامي بداية انطلاقة الحياة بيننا، والتي أؤكد بعقلي وقلبي أنها ما تزال موصولة رغم أنه استشهد وانتقل إلى الرفيق الأعلى منذ 19 عاماً، ولكنه حيّ في حقيقته، وفي إشعاعاته في نفسي..[3]".
يفترض في الأدب أن يعبّر عن عواطف الإنسان ومشاعره بأرقى الأساليب المؤثرة سواء كانت نثرا أو شعرا، وهو يتوخّى البحث عن الجمال بكلّ أشكاله وصوره، يستلهمه ويبرزه ويحبّبه للقارئ والمستمع مهما كان الموضوع الذي يتناوله، هذا ما هو الأدب كما يؤمن به أصحاب الرسالات السامية والأخلاق الرفيعة الباحثون عن الحقّ والخير والجمال والفضيلة ، لا يتذرّعون بالواقع المنحرف ليزيدوه انحرافا ويجعلوا منه النموذج المبتغى فيطمسون المعاني التي يدعو إليها الدين والفطرة والخلق الكريم ويحوّلون الأدب العالي إلى محطّات للشذوذ الفكري والثقافي والفلسفي والسلوكي ، ألسنا نرى كيف لخّص بعضهم الشعر العربي في غراميّات عمر بن أبي ربيعة وخمريّات أبي نواس وفلسفة ابن عربي المنحرفة عن الإسلام ؟ وقد احتفوا بذلك أيّما احتفاء وأهالوا التراب على روائع تراثنا وشكّكوا حتّى في نسبته إلى أصحابه - بغير دليل - وسخروا منه وأزاحوه عن المناهج الدراسية ، وشوّهوا لغة الأدب – وهي وعاؤه وقرينه – بما سمّوه الشعر الحرّ ، وأكثره أقرب إلى نقيق الضفادع وبغام الدوابّ ، ليس فيه سبك العربية ولا رونقها ، أمّا محتواه فهو موضوع هذا البحث القصير المختصر .
من حق المسلمين أن ينزعجوا ويشتكوا ويندّدوا عندما تمنح "جائزة الدولة التقديرية" للمدعو سيد القمني كما مُنحت من قبل لزميله حيدر حيدر لروايته "مأدبة لأعشاب البحر"، لأن الجامع بين الرجلين ليس هو الإبداع ولا الأدب الرفيع إنّما هو الموقف المعادي للإسلام والاستهزاء بثوابته وشنّ حرب فكريّة ضدّه، ولا أدري هل منحت جائزة مماثلة لامرأة مغربية هي شاعرة "متنوّرة" كتبت منذ مدّة "قصيدة" تدافع فيها عن المرأة وتخاطبها بهذه العبارة "ملعون من قال خلقت من ضلع أعوج" !!! وهي تقصد الرسول _صلى الله عليه وسلم_، ولا أستبعد أن تنهال عليها التكريمات الرسميّة، فقد عوّدتنا الساحة العربية على مثل هذا، وإنّما يحز في النفس برودة رد الفعل الشعبي حيال هذا التحزّب ضد دين الله وبأموال الأمة في حين تثور ثائرة المسلمين عندما يكرّم بعض قادة الغرب سلمان رشدي أو تسليمة نسرين... أم أنّه مستوى الحرّيّة هنا وهناك؟
قدر الحركة الأدبية في فلسطين أن تولد من رحم النكبة ، هذه النكبة التي صبغت الأدب الفلسطيني نثره وشعره بصبغتها المأساوية . لقد مضى على هذه النكبة منذ العام 1948 ما ينوف عن اثنين وستين عاما .
يمكنني أن أصنف الأدب الفلسطيني بعد النكبة على النحو التالي :
أ – أدب فلسطينيي الداخل " 48 "
ب – أدب الشتات
ج – أدب الصامدين في الوطن الذي احتلته إسرائيل في العام 1967
الصفحة 14 من 45