عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَلا تَعْجَزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)[2] .
وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)[3] .
لقد أولت الشريعة الإسلامية صحة الفرد اهتماماً كبيراً حتى تصبح دولة الإسلام قوية بأبنائها ، يعملون ويكدون ويجدون ويجاهدون في سبيل الله ، من أجل تقدم دولتهم ، ورفعة أمتهم .
وقد عملت الأحاديث النبوية على نشر الوعي الصحي بين أبناء المجتمع المسلم مما ساعد على الوقاية من العديد من الأمراض ، بل والقضاء على بعضها .
فالاهتمام بالصحة العامة يؤدي إلى زيادة الإنتاج ، والتقدم في شتى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية ، فكلما كان الشعب صحيحاً كلما تقدمت الدولة وأصبحت قوية والعكس صحيح .
"ما هذا السواد؟ لا تزالين صغيرة!"
سمعتُ هذه العبارة عددَ مرّات لا أودّ إحصاءها. وكنت غالبا ما أجيب إجابات لطيفة ومواربة مثل "الأسود يليق بي" (في إحالة لرواية أحلام مستغانمي "الأسود يليق بك")، أو تشتيتية مثل "الأسود ملك الألوان"، أو مرحة مثل "أسود يا سواد الليل"، أو متحذلقة مثل "أرتدي تحت العباءة قميصا ملونا وبنطال جينز". إلى أن فطنت إلى أنّ الانتقاد ليس موجها في حقيقته إلى اللون الأسود، بل موجه تحديدا لعباءتي التي صدف أنها سوداء.
بدايةً، لَمْ يأمر الإسلام المرأة بلون معين، ويحظر عليها لونا آخر. وسواد العباءة ليس مقصودا لذاته، بمعنى أنّه ليس توقيفيّا تعبّديا. لكنّه مفضّل على غيره لكونه أقدر على ستر تفاصيل الجسد.
إذن، لماذا أتمسك بالعباءة السوداء رغم هذا؟ أولا، وثانيا، وثالثا، لأن هذا ذوقي الشخصي، ومزاجي الخاص. ولا أرى الذين يسألونني عن سواد عباءتي يسألون بالحماسة ذاتها مَن تصبغ شعرها بالبنفسجي عن عملها هذا، أو مَن تخرز لسانها بحلقة معدنية، أو مَن تستعرض شطر جسدها على الملأ. وأحسب أن ما يستفزهم في العباءة دلالتها الدينية لا الذوقية.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فإن من نعم الله تعالى على عباده أن يواليَ مواسم الخيرات عليهم؛ ليوفيَهم أجورهم ويزيدهم من فضله، ويضاعف لهم الحسنات، ويكفر عنهم السيئات، ويرفع لهم الدرجات؛ ومن هذه المواسم: العشر الأواخر من رمضان، فلقد أكرمنا الله بهذه الليالي المباركات؛ فهي خير ليالي العام، وشرع لنا فيها عبادات جليلة ترفع قدرنا ودرجاتنا، وتغفر ذنوبنا وخطايانا، ورزقنا فيها بليلة مباركة هي خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.
ومن أبرز العبادات التي اختص الله فيها العشر الأواخر من رمضان: عبادة الاعتكاف، والاعتكاف شرعًا هو المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى، ومن شروطه أن يكون في مسجد، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في غير مسجد؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187]، وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ((وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُدخل عليَّ رأسه وهو في المسجد، فأُرجِّله - يعني: أمشط شعره - وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا))؛ [رواه البخاري ومسلم].
يعاني مفهوم الدنيا (شأنه شأن الكثير من المفاهيم القرآنية) تشوهاً كبيراً، أفقده معناه وحيويته وحضوره في عملية البناء الحضاري للإنسان المسلم والأمة الاسلامية، فكان أحد بوابات التخلف والسلبية التي يعاني منها العقل المسلم .
الدنيا هي وعاء الحياة بعناصرها كافة، فالدنيا هي الاقتصاد وهي السياسة وهي الفكر وهي الثقافة وهي الدين وهي الحب وهي العقل وهي العمل، إنها البغض والرضا، والسخط والقبول، إنها اللعب واللهو والتكاثر، إنها الجد والمثابرة، إنها كل الفعاليات الإنسانية التي يمارسها البشر وهم يبنون حاضرهم ومستقبلهم.
إن الدنيا في ضوء القرآن الكريم هي وعاء حياتنا المكاني، فيها نفكر ونعمل وننهض ونكبو ونعمّر وندمر، غير أن الابتعاد عن القرآن الكريم في بناء منظوماتنا القيمية والمعرفية والحضارية، ضيع جهداً كبيراً في مسيرة النهضة والتقدم الاسلاميين، بفعل عملية (تجهيل) مقصودة أو غير مقصودة، لنصوص القرآن الكريم، وهو النص المؤسس للإسلام، من خلال تغليب الاجتهادات الفردية والمذهبية عليها، أو في أحسن الاحوال تغليب بعض الأحاديث على القرآن الكريم بحجة أن (السُنة قاضية على القرآن) وأنها تنسخه، فألغيت معظم آيات القرآن الكريم وألغيت معها منظومتها المعرفية والعلمية والثقافية وما إلى ذلك .
هناك مَن يفهم تعويد الأطفال على المساجد خطأً. إحضار الصغار جدا إلى المسجد في رمضان لن يجعلهم يتعوّدون عليه وعلى الصلاة، بل سيجعلهم يكبرون ظانّين المسجدَ ملعبا. ومن ناحية أخرى، فأنّ إحضار الصغار إلى المسجد ثم تصميتهم ونهرهم كلما أحدثوا جلبة، تجربة سيئة ومنفرّة للأطفال، تجربة قد تجعلهم يكرهون المسجد في دخيلتهم، ويرونه مكانا للقهر والمنع والقمع.
عتبة الانزعاج بين الناس تختلف. وكونك تقدر على التركيز والخشوع في ظل صراخ صغارك أو حركتهم الدائمة، لا يعني أنّ جميع من في المسجد لديهم هذه القوة الخارقة. وكونك تستملح قفزاتهم الظريفة وأصواتهم اللطيفة، فهذا لأن "الكذا" في عين أمه غزال! وهو أمر لا ينطبق على بقية المصلّين بالضرورة.
وأنا هنا لا أتكلّم عن صلاة الفريضة، حيث قد يصدف أن يأتي وقت الصلاة ومع الأب أو الأم أطفالهم، فيدخلون للمسجد للصلاة، ولا أتكلم عن الأطفال فوق سن التمييز الذين يمكنهم الوقوف بخشوع في الصف، أو على الأقل الجلوس بهدوء. أتكلم عمن يصطحبون أطفالهم الصغار لصلاتي التراويح والقيام في رمضان.
المقدمة:
تستمد النهضة الحضارية اصولها من فلسفة توجه الفكر بعناصره المتعددة الى أمام , وتعلو بالإنسان والمجتمع الى حالة اكثر رقياً مما كان عليه الأمر لحظة الانطلاق.
وبوصفنا مسلمين مؤمنين برسالة الله عز وجل, فإن أي نهضة حضارية لا تتخذ من القرآن الكريم والسنة الصحيحة اساساً ومنطلقاً, تظل نهضة عرجاء, وناقصة التكوين, ومشوشة الرؤى. لذلك فإن تحديد اسس المكونات الحضارية يعد المقدمة الاولى الصحيحة لصحة المسيرة وضمان نجاحها وجدواها, وبالنسبة للمجتمعات المسلمة فإن تحديد هذه الاسس لا يكون إلا عبر الكتاب والسنة.
ولأن الاقتصاد يعد بحق تكثيفاً للحضارة, فإن تحديد أصوله ينبغي أن يكون استناداً الى القرآن الكريم والسنة المطهرة, من أجل أن يكون بحق اقتصاداً اسلامياً يساهم بدور فاعل وكفوء وكبير في تصحيح مسار الحضارة الانسانية المعاصرة.
ولأن هذين المصدرين من السعة والشمول بحيث يصعب على باحث مفرد القيام بمهمة تحديد اصول الاقتصاد الاسلامي في ضوئهما وفي بحث محدد الصفحات, لذلك فقد خصصنا هذه الدراسة لبيان اصول الاقتصاد الاسلامي في القرآن الكريم, أملين أن نفرزها متباينة تعتمد السنة النبوية, منطلقين من اسلامية المعرفة والتأصيل الاسلامي للعلوم, رؤية منهجية وقاعدة مفاهيمية تضبط مسار البحث والتحليل.
عرضت سورة هود في موضوعها القصصي العام؛ الظواهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية الفاسدة، في القرى القديمة التي أهلكها الله، بعد تحذير مجتمعاتها مما هم فيه من فساد في الفكر، وانحراف في السلوك، وإقبال على الترف والطغيان، وإنكار للبعث، وإعراض عن الحق، وبالمقارنة بين هذه الظواهر المذمومة المعروضة في السورة، وبين المبادئ التي تقوم عليها العلمانية؛ نجد تقاربا كبيرا، لذلك يمكن اعتبار موضوع السورة أكبر من يشخص النظام العلماني، ويبين الأسس التي يقوم عليها وينقضها، وينقض كل ما يقوم عليه هذا النظام من مبادئ فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية، فهذه السورة أكثر سورة في القرآن تشخيصا للعلمانية، ومظاهرها العامة، ومقرراتها المعلنة، وقواعدها المتحكمة في المجتمعات.
الصفحة 5 من 17