ذات يوم حدث خلاف بين مجموعة أجزاء النبات: الجذر، والساق، والأوراق، والزهرة، حول أيهما الأفضل بالنسبة للنبات، وأيهما أكثر أهمية له، واستمر هذا الخلاف لساعات طويلة حتى جاءت شجرة برتقال وقامت بالإصلاح بينهم.
شجرة البرتقال: لقد استمعت إلى حديثكم، لماذا كل هذا الخلاف؟
الأجزاء: من أنتِ؟ وكيف استمعتِ إلى حديثنا؟
شجرة البرتقال: أنا لستُ غريبة إنني نباتٌ -أيضا- وجئتُ الآن لأستمع إليكم ونقضي على هذا الخلاف الذي بينكم فهل توافقون أيتها الأجزاء؟يُحكى يا أحبائي أنه في إحدى عُطل نهاية الأسبوع قرر الصديقان: عمار وهشام الذهاب في رحلة لصيد الأسماك، أخذ كل من عمار وهشام الإذن 1 من والديهما، وعندما أذِنا لهما بالذهاب استعدا للرحلة جيدا ولم ينسَ كل منهما أن يأخذ سنارته 2 معه.
استيقظ الاثنان مبكرًا في الساعة الخامسة والنصف (5:30) صباحًا، وقام كل منهما بالاستحمام وأداء صلاة الفجر. ودع هشام والده ووالدته، ثم ذهب للقاء عمار في منزله.
التقى الاثنان في منزل عمار وهناك وجد عمار ينتظره ليتناولا الفطار معًا . جلس الاثنان على مائدة 3 الإفطار، وبعد تناول فطورهما شكرا والدة عمار على الفطور الرائع الذي أعدته لهما ثم قاما بتوديعها، فدعت لهما بالتوفيق، وطلبت منهما الانتباه في طريقهما إلى الشاطئ.
* الآن يا أصدقائي سوف تبدأ رحلة عمار وهشام، تابعوها لأنها ستكون مليئة بالمغامرات المثيرة 4.
جلست "ريبيكا" -التي تزور بلادنا لأول مرّة- بين يدي جدّتي لتخط بالحنّاء على كفيها نقوشا زاهرة باهرة. التقيت بها قبل ثلاثة أيام حين جاء الوفد الثقافي الذي هي عضوة فيه إلى مقر عملي، ويبدو أن تقارب عمرينا واهتماماتنا فرش الطريق لبداية صداقة، فدعوتها لزيارتنا.
أخذنا نقضم حواشي الوقت بالثرثرة عن تاريخ الحنّاء وفوائدها. ثم جرّنا الحديث عن "ليلة الحنّة" إلى الحديث عن الزواج لدينا وطرق الاحتفال بدءًا من الخِطبة و"المِلْكة" وانتهاء بحفل العرس. ويبدو أن ريبيكا ألفت الجو، فأخرجت من جعبتها صاروخا من نوع جو-جو وأطلقت سؤالا فكريّا فقهيا بعدما أجبتُ -على ما يبدو- عن جميع أسئلتها الأنثروبولوجية!
- ألا تشعرين بالاضطهاد يا مَيْ إذ لا يمكنك الزواج إلا عن طريق وَلِي؟ لا أقصد التقليل من شأن دينكم، لكن ألا ترين أنه هذا فيه انتقاصا من شأن المرأة؟ آمل ألا يكون سؤالي وقحا.
تجمّدتُ قليلا، ثم أجبت متلعثمة وعلى وجهي ابتسامة مُنْتزعة:
- لا بأس، خذي راحتك.
الدقائق والساعات تتسرّبُ من بين عقارب ساعته بجنون،
لم يدركْ أنّ ليلة البارحة كانت أشبه برشفةٍ من كوبِ ماءٍ ساخن لا يكاد يرتفعُ ليلامسَ شفتيهِ حتّى يدفعهُ عنه بصورة تلقائية!
أنّ الشهر الذي مضى كان كصباحٍ ناعسٍ قضاهُ وسط ضجيج أعماله، يُجهزُ عليه التّعبُ كلّما رفع رأسه من بين أكوام الورق،
ويجمعنا الصَّيف في ذات الباحة، يلمُّ شتات غربتنا تحت ظلال دالية العِنب في بيت جَدِّي الحبيب، فنحثُّ الخطى لحظةَ أن تطأ أقدامنا عتبته، متسابقين أيُّنا سيصلُ أوَّلا ليَحْظى بقرب الجَدِّ والجَدَّة، كما كنا نفعل ذلك ونحن صغار..
وكَمْ، وكَمْ تَدافَعنا ساعةَ يمدُّ جَدِّي يديه بالعَطايا: حلوى، مُكسَّرات، وفاكهة مُجفَّفة!
صور شتى تَتَداعى قبالتي وأنا أنظر إلى أطفالنا كيف يمرحون كما كنا نمرح، ويتعاركون كما كنا نتعارك!
عراك لا يترك نُـدبًا، ولا يقسِّي قلبًا، وتجافينا من بعده لا يدوم طويلا، وأغرب ما فيه أنَّه كان يزيدنا تواصلاً!
فما أن يغضب الصَّديق من صديقه، ويولِّي وَجْهَهُ مُدبرًا حتى يُدرك أنه لا يستطيع أن يلعب بمَرح وحدَه، وإذا عاندَ واستكبرَ فلن يجدَ مَن يشاركه خططه بالإعداد والتَّنفيذ، فيكون قد حكم على نفسه بوحدةٍ بَغيضةٍ لا يَقوى عليها قلبه الغَضّ، فيعود محمَّلا بجميلِ صَفحٍ ليجد صديقه قد سارع هو الآخر حامِلا اعتذاره الودود وطاقة حبٍّ!
حَزَمت "نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وحَنينًا وخشوعًا.
اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الزمن للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتَـنعم بزيارة ضيفها العزيز وهي أكثر استقرارًا، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!
نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.
" يا حسرتى..!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."
الصفحة 10 من 43